بين يديه وقصرها من خلفه قدر أربع أصابع، ثم قال: أدبر فأدبر، ثم قال: أقبل فأقبل، ثم قال: هكذا تيجان الملائكة " وعن ياسر الخادم (1) " إنه لما حضر العيد بعث المأمون إلى الرضا (عليه السلام) يسأله أن يركب ويحضر العيد ويصلي ويخطب، فبعث الرضا (عليه السلام) يستعفيه، فألح عليه فقال (عليه السلام): إن لم تعفني خرجت كم خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال المأمون: أخرج كيف شئت - إلى أن قال -: فلما طلعت الشمس قام (عليه السلام) واغتسل واعتم بعمامة بيضاء من قطن، ألقى طرفا منها على صدره وطرفا منها بين كتفيه " وفي المروي (2) عن المكارم المتقدم آنفا " إن علي بن الحسين (عليه السلام) دخل المسجد وعليه عمامة سوداء ألقى طرفا منها على صدره وطرفا بين كتفيه " إلى غير ذلك، أو يقال: إنه لا صراحة في الخبرين الأولين بعدم السدل بين اليدين.
وكيف كان فالجمع بين النصوص بما عرفت ضعيف جدا، والأولى منه ما قلناه، بل هو أولى أيضا مما يقال من حمل نصوص السدل على حال الحرب ونحوها فيما يراد فيه الترفع والاختيال، والتلحي فيما يراد منه التخشع والسكينة، كما يرشد إليه ما ذكره الوزير السعيد أبو سعد منصور الآبي في نثر الدر (3) قال: " قالوا: قدم الزبير بن عبد المطلب من إحدى الرحلتين، فبينما رأسه في حجر وليدة له تذري لمته إذ قالت:
ألم يرعك الخبر، قال: وما ذاك؟ قالت: زعم سعيد بن العاص أنه ليس لأبطحي أن يعتم يوم عمته، فقال: والله لقد كان عندي ذا حجى وقد يأجن القطر وانتزع لمته