وجوب حمل المطلق على المقيد في المندوبات، بل يحمل على الندب في الندب، فينزل حينئذ ما ظاهره الاشتراط لو كان على ذلك، ويبقى الاطلاق سليما، وظهور المروي (1) عن مسائل علي بن جعفر في كراهية الالتفات في النافلة المستلزم لعدم وجوب الاستقبال " سأل أخاه عن الرجل يلتفت في صلاته هل يقطع ذلك صلاته؟ فقال: إذا كانت الفريضة والتفت إلى خلفه فقد قطع صلاته، وإن كانت نافلة لم يقطع ذلك صلاته ولكن لا يعود " ولامتناع ندب الفعل ووجوب الكيفية.
وفي الجميع نظر، ومن هنا كان المشهور نقلا وتحصيلا الاشتراط إلا فيما استثني مما ستعرف، بل قيل إنه المصرح به في جميع كتب الأصحاب إلا ما قل، بل يمكن إرادة ما لا ينافي ذلك من عبارة المصنف وما ضاهاها التي هي أظهر ما نسب إليها الخلاف بدعوى حملها على بيان أفضلية الصنف من غيره مما رخص فيه بعدم الاستقبال كالصلاة على الراحلة وماشيا وغيرهما، لا أنه أفضل من الصلاة مستقرا مستدبرا كي يقتضي الجواز حينئذ، وكذا قوله فيما بعد: " وإلى غير القبلة " أو يكون معطوفا على ما قبله على معنى إرادة بيان جواز فعل النافلة على الراحلة سفرا وحضرا وإلى غير القبلة، ولعله لذا قال المحقق الثاني في حاشية الكتاب يلوح من المصنف عدم الاشتراط، ولم يجعله صريحا ولا ظاهرا.
وكيف كان فقد يستدل للمطلوب بالتأسي بناء على عدم اشتراط معرفة الوجه في تحققه، أو على عدم اعتبار معرفة شرطية الكيفية وعدمها في حصول معناه لو سلم اشتراط معرفة الوجه في أصل الفعل في حصوله، ضرورة صدق الفعل مثل فعله وإن لم تعلم الشرطية المزبورة، نعم قد يشكل الاستدلال به بالاطلاقات المقتضية لجواز غير ما فعله من الكيفية، بناء على ما هو التحقيق من عدم إجمالها بالنسبة إلى ذلك وغيره