نعم، الفرد الظاهر من الخبر هو ما كان عن علم، كما أن الظاهر من صيغ الإخبار - أعني الجمل الخبرية - هو كونها عن علم، إلا أنه غير داخل في مفرداتها، ولا وضع لتركيبها.
وأما استظهار دخول العلم في مادة الخبر من أهل البيان فهو مدفوع بأن التفتازاني صرح في شرح التلخيص بأنه ليس المراد بالعلم هو الاعتقاد الجازم المطابق، بل حصول هذا الحكم في ذهن المتكلم وإن كان خبره مظنونا أو مشكوكا أو موهوما أو كذبا محضا (1). وهذا ضروري لكل عاقل تصدى للإخبار، وأهل البيت أدرى بما في البيت.
ومقتضى تزييف الاستدلال بآية النبأ (2) على حجية الإجماع المنقول - بعدم صدق النبأ على ما كان مستندا إلى غير الحس - القول بخروج التزكية عن الخبر بواسطة مداخلة الاستناد إلى الحس في مدلول الخبر؛ لكون العدالة من باب غير المحسوس، لكن حررنا في محله ضعف القول باختصاص صدق الخبر بما كان مستندا إلى الحس.
فقد ظهر أن خروج التزكية عن الخبر إما بواسطة دخول القول في معنى الخبر، أو دخول العلم أو الاستناد إلى الحس في معناه، لكن القول بدخول العلم أو الاستناد إلى الحس مدخول.
ثم إنه بما مر عسى أن يظهر، بل لا خفاء في أن الكلام في دخول الجرح أو التعديل في الخبر بالمعنى اللغوي، والشهادة بالمعنى المصطلح.
وأما الخبر بالمعنى المصطلح فلا يرتبط بالمقام، كما أن الشهادة بالمعنى اللغوي لا يرتبط بالمقام أيضا.