الاستقراء في كلمات أرباب الرجال يقضي القطع بأن " كان ثقة " بمثابة " ثقة " ولم يقصد من " كان ثقة " أزيد مما قصد ب " ثقة ".
هذا هو الكلام في شرح الحال من اللاحق للسابق كما هو غالب الوقوع في الرجال؛ لندرة تعرض المعاصر للمعاصر، بل ندرة لياقة المعاصر للتعرض، بل التوثيق المزبور مفقود الأثر في الرجال، إلا في باب السؤالات من بعض الرواة عن حال بعض آخر منهم لو فرض كون المسؤول عن حاله في الحياة، وتلك السؤالات مذكورة في الرجال وتأتي طائفة منها.
وأما لو كان التوثيق المزبور في كلام المعاصر، فظاهره الرجوع إلى حال التوثيق، ولا أقل من السكوت عن الحال حال التوثيق. وأما الزمان المتأخر عن الإخبار فهو مسكوت عنه، كما هو ظاهر غاية الظهور.
وربما احتمل شيخنا السيد وجوها في المقام: كون التوثيق المزبور بمثابة " ثقة " وكونه آكد، وكون المراد الوثاقة في برهة من الزمان مع السكوت عما لحق، أو الدلالة على الرجوع، والتفصيل بين ما إذا صدر من لاحق فالثاني، أو معاصر فالثالث. واختار الأخير؛ نظرا - في كونه بمثابة " ثقة " لو كان من اللاحق - إلى أنه وإن أفاد سبق زمان الوثاقة لكن بالنسبة إلى الإخبار من جملة أزمان وجود الموضوع، المتقدمة بحذافيرها على زمان الإخبار في كونه آكد إلى قضية كون الإظهار أقوى من الإضمار؛ لكون الأمر في " كان " من باب إظهار الرابطة المطوية.
وفي السكوت عما لحق من برهة من زمان الوثاقة إلى أنه إذا أخبر المعاصر بذلك أفاد الوثاقة في برهة من أزمنة وجود الموضوع المتقدمة على زمان الإخبار، وهو ساكت عن حاله زمان الإخبار وفيما بعده لو لم يشعر بالخلاف في زمان الإخبار.
ولا بأس بما ذكره إلا دعوى التأكد، فإنها يظهر الكلام فيها بما مر. والظاهر أن المقصود بالتأكد هو قوة الدلالة على الوثاقة، لا الدلالة على قوة الوثاقة، كما يمكن دعوى التأكد بالوجه الأخير في " ثقة ثقة " وإلا فدعوى التأكد ظاهرة الفساد. لكن