والحق ما أفاده صاحب الكفاية: من أن المعتبر هو تلبس الذات التي يجري عليها المشتق بالمبدأ، وهذا التلبس يختلف حسب اختلاف المبادئ والهيئات الاشتقاقية، ففيما كان المبدأ ملكة أو حرفة ونحوها، لا يتوقع في التلبس به الفعلية بخلاف ما كان مبدؤه من قبيل الأفعال والحالات كما أن التلبس المدلول عليه والمحتاج إليه في هيأة اسم الفعل هو قيام المبدأ بالذات: إما عروضا، وإما صدورا، وفي هيأة اسم المفعول يكون تلبس الذات بالمبدأ بوقوعه عليهما، وفي اسم الآلة بوقوعه بها، وفي اسم الزمان والمكان بوقوعه فيها.
فدعوى: اعتبار قيام تلك الصفات بالذات التي يحمل عليها المشتق في جميع الموارد خالية عن الوجه ومخالفة للواقع.
الأمر السابع: هل المعتبر في القيام أن يكون بلا واسطة في العروض؟
ظاهر الفصول هنا أيضا اعتباره، وأنه إذا كان المبدأ من قبيل الصفات العارضة فلا بد في صدق المشتق على المورد حقيقة أن تقوم الصفة به بلا واسطة في العروض، وهو الموافق للتحقيق.
والدليل عليه: هو التبادر القطعي، فالضارب هو الذي يضرب بنفسه، ولا يعم السبب المحرك للغير إليه، كما أن الجاري ما يكون الجريان وصفا لنفسه.
وأما ما في الكفاية: من أن التجوز في الإسناد غير التجوز في الكلمة فإنما هو على مبنى القوم، وإلا فقد عرفت في بحث المجاز أن التجوز في الكلمة أمر غير واقع بالمرة، وأن باب المجاز يتقوم بالادعاء الذي منه الإسناد إلى غير ما هو له، والأمر سهل. والحمد لله رب العالمين.