كما أن دعوى امتناع استعمال المشترك اللفظي في الكتاب الكريم للزوم التطويل بلا طائل من ذكر القرينة والاجمال من عدم ذكرها أيضا واضحة المنع، وذلك أن كل قرينة ليست توجب التطويل، فإذا قلت بالفارسية: " من شير آشاميدم " يعلم أن المراد منه المائع المحلوب، مع أن القرينة المستعملة ليست إلا ذكر الفعل الذي لابد منه ولو كانت اللفظة غير مشتركة.
هذا، مضافا إلى أن الغرض ربما يتعلق بالتطويل كما في مثل قوله تعالى:
* (هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى) * (1) وقريب منها في البطلان دعوى وجوب وقوع الاشتراك، لتناهي الألفاظ وعدم تناهي المعاني المقصود إفادتها.
وجه البطلان: أن اللازم إنما هو الوضع بالنسبة للمعاني التي تمس الحاجة إلى إفادتها، ولا نسلم عدم تناهيها، لا سيما والغالب أن توضع الألفاظ للمفاهيم الكلية، وإيفاد الافراد بالقرينة الدالة على تطبيق الكلي على الفرد.
ثم إن وقوع الاشتراك من واضع واحد وإن لم يكن ببعيد إلا أن من الممكن بل القريب أن كثيرا من الاشتراكات اللفظية إنما وقعت من ناحية أن الأقوام المختلفة وضع كل منها لفظا للمعاني المحتاج إلى إفادتها، وكانت الأقوام متباعدة، فإذا حدث التمدن - ولا سيما التمدن الجديد - واختلطت الأقوام علم أنه ربما وضع للفظ واحد معان متعددة وإن كان لا ينحصر سببه في ذلك بل إن محدودية الأسماء المرغوب فيها - كما في أسماء الأئمة والأنبياء (عليهم السلام) - ربما توجب وقوع الاشتراك اللفظي.
ومنه تعرف أن ما أفاده السيد العلامة الخوئي من أنه بناء على أن نقول بأن حقيقة الوضع هي تعهد الواضع بأنه متى أراد تفهيم معنى كذا ذكر لفظا كذا - فلا يمكن وقوع الاشتراك إلا برفع اليد عن التعهد الأول إلى تعهد جديد بأنه متى أراد تفهيم هذا المعنى الأول أو الثاني يذكر ذلك اللفظ (2) ممنوع جدا.