إما يلاحظ واجد المبدأ، وإما يلاحظ ما وجد له المبدأ، وأصالة العدم جارية في كل منهما فيتعارض الأصلان.
كما أن ترجيح الاشتراك المعنوي على الحقيقة والمجاز لأجل الغلبة ممنوع، لمنع الغلبة أولا، ومنع نهوض حجة على الترجيح بها ثانيا.
نعم، لا بأس بالرجوع إلى الأصل الحكمي، وهو يختلف باختلاف الموارد، فإنه لو قال المولى: " أكرم كل عالم " فأصالة البراءة تقتضي عدم وجوب إكرام من انقضى عنه المبدأ قبل الإيجاب. كما أن استصحاب. بقاء وجوب إكرام من تلبس بالمبدأ بعد الإيجاب أو حينه ثم انقضى عنه يقتضي وجوب إكرامه بعد الانقضاء أيضا.
وليس المراد بهذا الوجوب المستصحب الوجوب الكلي المجعول على عنوان العالم - حتى يستشكل جريان الاستصحاب فيه (1): إما لمنع جريان الاستصحاب في الشبهة الحكمية الكلية مطلقا، وإما لمنع جريانه فيها إذا كان منشأ الشك في بقاء الحكم الكلي الشك في مفهوم الموضوع المجعول عليه الحكم - كما في ما نحن فيه، فإن الشك في بقاء الوجوب إنما هو الشك في مفهوم " العالم " مثلا، وأنه هل يعم ما انقضى عنه المبدأ - ليكون الوجوب باقيا حتى بعد انقضاء التلبس بالمبدأ، أو يختص بخصوص المتلبس به حتى ينقضي الوجوب بانقضاء التلبس؟
وبالجملة: فالمستصحب هو الحكم الجزئي الذي هو نتيجة انحلال حكم العام أو المطلق إلى أحكام متعددة بعدد الافراد، ف " زيد " المتلبس بالعلم يجب إكرامه، وإذا زال علمه يحتمل بقاء وجوب إكرامه، والاستصحاب يقتضي بقاءه ومن الواضح أن زوال العلم عنه لا يوجب انتفاء الموضوع، فإن العلم - كسائر صفاته من قبيل الأحوال عرفا لا يضر ارتفاعه ببقاء الموضوع، وقد حقق في باب الاستصحاب أن المرجع في بقاء الموضوع ووحدة القضية المتيقنة والمشكوكة هو العرف، وعليه فلا مجال للإيراد المذكور. هذا.