إلا أنه وجهه بعض السادة الأفاضل من حضار البحث (1) - وفقه الله تعالى وأيده وأدام بركات وجوده - بأن مراده من الاعتبار اللابشرطي، هو ملاحظته بحيث يتم لحاظه بجميع هويته، وإن لوحظ الكل ولوحظ هو ضمنا، في قبال النظر إليه مستقلا غير مندك في الكل، ومعلوم أنه باللحاظ الأول بعض وجود الكل وليس إلا الكل، ولا يجب إلا بوجوبه، بخلافه في اللحاظ الثاني، فإنه رئي شيئا مستقلا وإن حصل منه الكل، فيمكن تعلق الوجوب الغيري به.
وهو وجه دقيق في الفرق يؤول إلى ما أفاده صاحب نهاية الدراية أخيرا، ولعله كان مراد الشيخ الأعظم وإن قصرت عنه عبارة تقريراته، شكر الله تعالى سعيه، ووفقني للاستفادة من محضره، ورزقنا جميعا الإخلاص في تحصيل العلم وسائر الأعمال.
هذا كله حول البحث عن مقدمية الأجزاء وملاك الوجوب الغيري لها.
وأما الدعوى الثانية - وهي لزوم المحال من وجوبها المقدمي - فبيانه بوجوه ثلاثة: أحدها ما هو صريح الكفاية (2)، ويستفاد من التقريرات (3) أيضا، وهو لزوم اجتماع المثلين بعدما عرفت من اتحاد ذي المقدمة ومقدمته في الوجود، فإنه لو قلنا بأن المقدمة واحدة هي الأجزاء بالأسر فاتحادهما واضح، وإن قلنا بأنها متعددة بتعدد الأجزاء فكل جزء واجب بوجوب مقدمي ووجوب المركب ينبسط على ذوات الأجزاء، فتجب بوجوبين وهو إجتماع المثلين.
إن قلت: قد مر أن المركب عبارة عن الأجزاء المجتمعة اجتماعا خاصا، وبعبارة أخرى: الخاص بما أنه خاص هو المركب، وليس هو الاجزاء والخصوصية، وانبساط الوجوب إنما هو على أجزاء المركب، وأجزاؤه أيضا هي الأمور المنضمة الخاصة، فإن كانت مقدمة واحدة أو مقدمات فما يتعلق به الوجوب النفسي ابتداء أو انبساطا هو الخاص بما هو خاص، وما يتعلق به