وأما الفقرة الثالثة: أي صورة الظن بالإصابة وإتيان الصلاة بعد النظر والفحص ثم العلم بأنها وقعت في النجس، فلما كان الحكم فيها بعدم الإعادة مخالفا للقاعدة سأل عن علته.
وحاصل إشكاله: أن المأتي به لما كان غير مطابق للمأمور به فلا بد من الإعادة، فما وجه الحكم بعدمها؟
فأجاب: بأن حكم الشارع بعدم نقض اليقين بالشك عملا موجب لموافقة المأتي به للمأمور به فلا تجب الإعادة.
ووجهه: أن استصحاب الطهارة موجب للتوسعة في الشرط، فيكون حاكما على إطلاق الأدلة الأولية، فيكون الجواب موافقا للسؤال، وهذا الوجه وإن رجع إلى بعض الوجوه المذكورة، لكن مع هذا التقريب ينطبق التعليل على المورد من غير تكلف.
وإن شئت قلت: إن وجه الإشكال هو أن التعليل لا يناسب عدم الإعادة.
والجواب: أن التعليل لا يرجع إليه، بل الحكم بعدم الإعادة إرشاد إلى موافقة المأتي به للمأمور به، لعدم إمكان كون الإعادة وعدمها موردين للتعبد من غير تصرف في المنشأ، فالتعليل راجع إلى المنشأ، فلا إشكال حينئذ هذا على الشرطية.
وأما بناء على مانعية النجس فقد يقال: إن التعليل أيضا صحيح سواء اخذ العلم بالنجاسة من حيث كونه طريقا مانعا، أو من حيث كونه منجزا، وسواء كان التعليل مجموع المورد والاستصحاب، أو خصوص الثاني، لأن مرجع التعليل بهما إلى أن النجاسة لم يكن لها منجز، فالصلاة تكون صحيحة ولا تجب الإعادة، لأن وجوبها ينافي عدم جواز نقض اليقين بالشك (1).
وفيه: أنه بعد فرض كون المانع هو النجاسة المعلومة، فمع عدم العلم يحرز عدم