الحاصل مما ذكرنا، وليس هذا مطابقا للاستصحاب المدعى حجيته.
وأما كون الأخبار واردة على طبق الارتكاز العقلائي فممنوع غاية المنع، لأن الظاهر من الكبرى المتلقاة منها أن ما هو موضوع لوجوب العمل هو اليقين بالحالة السابقة والشك في بقائها، من غير دخالة شئ آخر فيه، وهذا أمر تعبدي غير ارتكازي للعقلاء، كما عرفت أن العلم بالحالة السابقة غير كاشف عن الحالة اللاحقة.
والتعبير بأنه (ليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك أبدا) لا يدل على إرجاعه إلى ارتكازه كما توهم (1)، ضرورة أن عدم نقض اليقين بالشك - في مثل الوضوء مع حصول مقدمات النوم كالخفقة والخفقتين، وتحريك شئ إلى جنبه مع عدم التفاته إليه، وفي مثل الظن بإصابة دم الرعاف في من حصل له الرعاف - ليس ارتكازيا للعقلاء، لأنهم في مثل تلك الموارد التي تكون في مظان حصول منافيات الحالة السابقة يتفحصون عنها، كما ترى أنه في الصحيحة الثانية يقول: (فإن ظننت أنه قد أصابه ولم أتيقن، فنظرت فلم أر شيئا) (2) فلم يكتف بالحالة السابقة حتى نظر إليه فصلى.
مضافا: إلى أن هذا التعبير كثيرا ما وقع في الأخبار فيما لا يكون على طبقه ارتكاز، كما يظهر بالتتبع فيها (3) مع أنك قد عرفت أن العمل على طبق اليقين المتعلق بحالة مع انقلابه إلى الشك في حالة أخرى لا يكون ارتكازيا، والحال أن مفاد الروايات هو أن لا ينقض اليقين بالشك من حيث ذاتيهما، من غير أن يحصل وثوق أو اطمئنان بالبقاء.
فتحصل من جميع ما ذكرنا: أن دعوى أن نكتة اعتبار الاستصحاب هي مطابقته لارتكاز العقلاء غير مسموعة، فمفادها أعم من الشك في الرافع والمقتضي ومخالف لما