والآن يحمل المسلمون أعمال سائر الملل في نكاحهم وطلاقهم وعقودهم وإيقاعاتهم على الصحة، وهم يحملون أعمال المسلمين عليها، من غير كون ذلك في إرتكازهم أمرا دينيا.
ومن ذلك يعلم: أن سيرة المسلمين والإجماع القولي والعملي ليس شئ منها دليلا برأسه، بل كلها ترجع إلى هذا الأمر العقلائي الثابت لدى جميع العقلاء، وهذا واضح جدا.
وإن شئت الاستدلال عليها بدليل لفظي، فيمكن أن يستدل عليها بطوائف من الأخبار المتفرقة في أبواب الفقه:
منها: الروايات الواردة في باب تجهيز الموتى، حيث تدل على اكتفاء المسلمين في الصدر الأول على فعل الغير في غسل الموتى وكفنهم وسائر التجهيزات، وكانوا يصلون عليهم من غير تفتيش عن صحة الغسل والكفن (1)، مع وجوب الغسل وسائر التجهيزات على جميعهم، ولم يكن اكتفاؤهم بفعل الغير إلا لأجل البناء على الصحة، ودعوى حصول العلم بصحة الغسل وسائر التجهيزات الصادرة عن غيرهم كما ترى.
ومنها: الروايات الواردة في باب الحث على الجماعة والجمعة، والأمر بالائتمام خلف من يوثق بدينه وأمانته (2)، وفي هذا الباب روايات كثيرة دالة على أن أصالة الصحة كانت أصلا معتبرا عند رسول الله صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام، إذ لا إشكال في أن إحراز صحة صلاة الإمام ولو بالأصل شرط في جواز الائتمام به، ولو لم تكن أصالة الصحة معتبرة لم يكن إحرازها ممكنا، مع أن الإمام كثيرا ما يكون مستصحب الحدث لدى المأموم.
ومنها: ما دلت على البيع والشراء لرسول الله صلى الله عليه وآله والأئمة