الانقلاب ما لم يقابلها الانكار، والقوم لم ينكروا على فاطمة سلام الله عليها دعواها، بل كانوا يقولون: إن فدكا فئ المسلمين، ولا بد من إقامة البينة على الانتقال، مع أنها ذو اليد، ولم يكن في مقابل يدها إلا دعوى أنها فئ المسلمين، لا إنكار دعواها حتى تنقلب الدعوى (1).
وأما ما أفاده بعض أعاظم العصر رحمه الله في مقام الجواب: بأن إقرارها لا يوجب انقلاب الدعوى، وليس إقرارها كإقرار ذي اليد بأن المال كان لمن يرثه المدعي، لأن انتقال الملك من النبي صلى الله عليه وآله إلى المسلمين على فرض صحة ما نسب إليه من أنه قال: " نحن معاشر الأنبياء لا نورث.. " (2) إلى آخره ليس كانتقال الملك إلى الوارث، لأن انتقاله إلى الوارث إنما هو بتبدل المالك وقيامه مقام المورث، وانتقاله منه إلى المسلمين كانتقال المال من الموصي إلى الموصى له، ومن الواهب إلى المتهب بإعدام إضافة، وإيجاد إضافة أخرى، لأن تبدل الإضافة قد يكون من طرف المملوك، كعقود المعاوضات، وقد يكون من طرف المالك كالإرث، فإن التبدل من قبل المالك، مع بقاء المملوك على ما هو عليه، فيقوم الوارث مقام المورث في الإضافة، وقد يكون بتبدل نفسها، بمعنى أنه تنعدم الإضافة القائمة بين المالك والمملوك، وتحدث إضافة أخرى لمالك آخر، كما في الهبة والوصية.
وانتقال المال من النبي صلى الله عليه وآله إلى المسلمين - بناء على الخبر الموضوع - ليس كانتقاله إلى الوارث، بل هو أشبه بانتقال المال الموصى به إلى الموصى له، فإن المال بعد موته يصرف في مصالحهم، ومن المعلوم أن إقرار ذي اليد بأن المال كان ملكا لمورث المدعي إنما يوجب الانقلاب من حيث إن الإقرار للمورث إقرار للوارث، لقيامه مقامه في طرف الإضافة.