وفي القاعدة زواله.
فحينئذ نقول: إن المأخوذ في الكبرى في أخبار الباب هو عنوان اليقين والشك، والنهي عن نقض الأول بالثاني، وهذه الكبرى الكلية لها مصاديق كثيرة، جملة منها تكون من قبيل الشك الساري، وجملة منها لا من قبيله، فمن تيقن بعدالة زيد يوم الجمعة ثم شك في عدالته في ذاك اليوم يمكن أن يكون مخاطبا بقوله: (لا تنقض اليقين بالشك) ومن شك في بقاء عدالته يوم السبت مع اليقين بعدالته يوم الجمعة يمكن أن يخاطب بهذا الخطاب من غير استعمال لفظ اليقين أو الشك أو النقض أو النهي في معنيين، ومن دون لحاظ أمرين مختلفين.
بل المتكلم بقوله: (لا تنقض اليقين بالشك) لا يعقل أن يلاحظ في إلقاء هذه الكبرى غير عنوان الشك واليقين المأخوذين في موضوع حكمه، وغير متعلق نهيه، فلا تكون متعلقات اليقين والشك مطلقا منظورا إليها، فتشمل جميع مصاديق اليقين والشك، كانت من قبيل قاعدة اليقين، أو الاستصحاب، أو القاعدة الثالثة التي تكون من جهة كقاعدة اليقين، ومن جهة كالاستصحاب، لأن عنوان اليقين والشك شامل لكل شك ويقين، لا بجهات الكثرة، بل بجهة اليقين والشك، ومعنى المضي وعدم النقض ليس إلا ترتيب الآثار تعبدا، وفرض الشك كلا شك، أو فرض تحقق اليقين في عالم التشريع، ولا يلزم منه محذور.
هذا لو فرضت الكبرى في الاستصحاب كلية ذات مصاديق، فإن الكلي أيضا يشمل كثرة الأفراد لا بخصوصياتها الممتازة، وأما لو كانت الكبرى من قبيل المطلقات - كما هو كذلك - فالإشكال أو هن، لأن الحكم فيها على نفس العناوين من غير نظر إلى الخصوصيات، كما هو المقرر في محله (1).