عن بقاء الوجوب السابق، وأصالة بقائه ترفع شكه، وأما أصالة عدم الوجوب للموضوع المقيد فمضادة لحكم الأصل الوجودي ورافعيته له، للتضاد الواقع بينهما، لا لرافعيته لشكه (1).
وفيه إشكال:
أما أولا: فلأن الشك في وجوب الجلوس المتقيد بما بعد الزوال ليس منشؤه الشك في بقاء وجوب الجلوس الثابت قبله، بل منشؤه إما الشك في أن الوجوب المجعول هل هو ثابت لمطلق الجلوس، أو للجلوس قبل الزوال، فليس شكه ناشئا عن البقاء، بل عن كيفية الجعل.
وإما الشك في جعل وجوب مستقل للموضوع المتقيد بما بعد الزوال، فلا يكون استصحاب وجوب الجلوس رافعا لشكه تأمل.
وأما ثانيا: فلأن شرط حكومة الأصل السببي على المسببي، أن يكون جريان الأصل الحاكم موجبا لرفع الشك عن المسبب تعبدا، بمعنى أن يكون المستصحب في الأصل المسببي من الآثار الشرعية المترتبة على المستصحب في الأصل السببي، كاستصحاب كرية الماء الحاكم على استصحاب نجاسة الثوب المغسول به، وأما لو كان الشك مسببا ولم يكن كذلك، فلا يكون الأصل حاكما.
ألا ترى: أن الشك في نبات لحية زيد مسبب عن الشك في حياته، ولكن استصحاب الحياة ليس حاكما على استصحاب عدم نباتها، وما نحن فيه من هذا القبيل، فاستصحاب وجوب الجلوس إلى بعد الزوال لا يثبت كون الجلوس المتقيد بما بعد الزوال واجبا إلا بالأصل المثبت، بل حاله أسوأ من الأصل المثبت كما يظهر بالتأمل.