ولا يخفى ما فيه:
أما أولا: فلأن العدم الأزلي وإن كان هو العدم المطلق الغير المسبوق بالوجود، لكنه يلاحظ بالنسبة إلى كل عنوان مستقلا، فوجوب الجلوس المطلق عدمه الأزلي هو عدم وجوب الجلوس المطلق، ووجوب الجلوس المقيد بما بعد الزوال عدمه الأزلي هو عدم وجوب هذا المقيد، كما أن العدم الأزلي للإنسان، هو عدم الانسان من غير تقيد بكونه في زمان كذا أو مكان كذا، والعدم الأزلي للإنسان العالم هو عدم هذا العنوان من غير تقييد بالقيود المذكورة.
فوجوب الجلوس بعد الزوال عدمه الأزلي بعدم هذا الوجوب المتعلق بالموضوع المقيد بما بعد الزوال، وهذا العدم عدم مطلق للوجوب المقيد إذا كان بعد الزوال قيدا للهيئة، وللوجوب المتعلق بالموضوع المقيد إذا كان قيدا للمادة، ولا يكون هذا العدم منتقضا، ضرورة ان انتقاضه إنما يكون بوجوب الجلوس بعد الزوال، لا بوجوب الجلوس المطلق، بحيث يكون الجلوس تمام الموضوع للوجوب من غير تقيده بقيد، ولا بوجوب الجلوس قبل الزوال، ومعلوم أن عدم وجوب الجلوس المتقيد بما بعد الزوال - سواء كان القيد للوجوب أو الجلوس - غير معلوم الانتقاض، فلا مانع من جريان استصحابه.
وأما ما كرره: من أن العدم المتقيد بقيد كونه بعد الزوال ليس له تحقق قبل الزوال، فغير مرتبط بكلام الفاضل النراقي، ضرورة أن العدم ليس متقيدا بكونه بعد الزوال، بل العدم مطلق، والوجوب أو الجلوس مقيد، والفرق بينهما أظهر من أن يخفى، والظاهر أن منشأ اشتباهه هو هذا الخلط، وبعد ذلك نسج على منواله ما نسج.
وأما ثانيا: فلأن ما ذكره - من أن الجعل المتعلق بوجوب الجلوس قبل الزوال غير الجعل المتعلق بالوجوب بعد الزوال، لأنه بناء على القيدية يحتاج وجوب الجلوس بعد الزوال إلى جعل آخر مغاير لجعل الوجوب قبل الزوال، وحيث إنه يشك في جعله بعده