متقوم بوجود القيد، ولا يعقل تقدمه على قيده.
فإذا وجب الجلوس إلى الزوال فالعدم الأزلي انتقض إلى الوجود قطعا، فإذا فرض ارتفاع الوجوب بعد الزوال لأخذه قيدا، فعدم الوجوب بعد الزوال لا يكون [من] العدم الأزلي، لكونه مقيدا بما بعد الزوال، والعدم المقيد غير العدم المطلق المعبر عنه ب " العدم الأزلي " فالمستصحب بعد الزوال ليس هو العدم المطلق، بل هو العدم المقيد بما بعد الزوال، وهو متقوم بما بعد الزوال، فلا يمكن استصحابه إلا إذا آن بعد الزوال، ولم يثبت الوجود، ففي الآن الثاني يستصحب العدم.
والمفروض غير ذلك، لأن آن بعد الزوال يكون العدم مشكوكا فيه، فالعدم الأزلي المطلق قد انتقض بالوجوب قبل الزوال، والعدم المقيد لم يكن قبل الزوال متحققا إلا بنحو السالبة بانتفاء الموضوع.
نعم: لا مانع من استصحاب عدم جعل الوجوب للموضوع المقيد، لأن الجعل واللا جعل أزليان، فإذا جعل الزمان قيدا يختص كل من الجلوس قبل الزوال وبعده بجعل خاص، فيستصحب عدم جعل الوجوب للجلوس بعد الزوال، لكن عدم الجعل ليس له أثر إلا بلحاظ المجعول، وإثبات عدم المجعول بعدم الجعل مثبت.
هذا مضافا إلى أن استصحاب البراءة الأصلية المعبر عنه ب " استصحاب حال العقل " (1) لا يجري مطلقا، لأن العدم الأصلي عبارة عن اللا حكمية واللا حرجية، وهذا المعنى بعد وجود المكلف واجتماع الشروط فيه قد انتقض قطعا ولو إلى الإباحة، لأن اللا حرجية في الإباحة بعد اجتماع شرائط التكليف غير اللا حرجية قبل وجود المكلف، إذ الأول مستند إلى الشارع دون الثاني (2)، انتهى ملخصا.