وهذا التوهم مدفوع بما ذكرناه سابقا: من أن الأئمة (عليهم السلام) كلهم بمنزلة متكلم واحد، فإنهم يخبرون من الاحكام المجعولة في الشريعة المقدسة في عصر النبي (صلى الله عليه وآله) ولهذا يخصص العام الصادر من أحدهم بالخاص الصادر من الاخر منهم (عليهم السلام) فإنه لولا أن كلهم بمنزلة متكلم واحد لا وجه لتخصيص العام في كلام أحد بالخاص الصادر من شخص آخر، فإذا يكون الخاص الصادر من الصادق (عليه السلام) مقارنا مع العام الصادر من أمير المؤمنين (عليه السلام) بحسب مقام الثبوت، وإن كان متأخرا عنه بحسب مقام الاثبات. وكذا الخاص الصادر من الباقر (عليه السلام) فكما أن الخاص المقدم زمانا يكشف عن عدم تعلق الإرادة الجدية من لفظ العام بالمقدار المشمول له، كذلك الخاص المتأخر أيضا يكشف عن عدم تعلق الإرادة الجدية من لفظ العام بالمقدار الذي يكون مشمولا له. وكلاهما في مرتبة واحدة. ويتضح ما ذكرناه بالمراجعة إلى الأوامر العرفية، فإنه لو صدر من المولى عام وخاصان في زمان واحد مع كون النسبة بين الخاصين عموما من وجه، فأرسل الخاصين إلى العبد في زمان واحد بتوسط شخصين، فوصل أحدهما إلى العبد قبل وصول الاخر، لا يكون وصول أحدهما قبل الاخر موجبا لانقلاب النسبة بين العام والخاص المتأخر، مع صدورهما من المولى في رتبة واحدة، بل لابد من تخصيص العام بكليهما، كما هو واضح.
و (أما الصورة الثالثة) وهي إذا ما كانت النسبة بين الخاصين العموم المطلق، فهل يجب تخصيص العام بالأخص (أولا) ثم ملاحظة النسبة بين العام والخاص، فتنقلب النسبة من العموم المطلق إلى العموم من وجه، أو يخصص العام بكلا الخاصين؟
الظاهر هو الثاني، إذ بعد فرض كون نسبة الخاصين إلى العام على حد سواء، لاوجه