والترجيح. ومقتضى القاعدة في مثل ذلك وان كان هو التساقط على ما ذكرناه، الا أنه وردت نصوص كثيرة دالة على الاخذ بأحدهما تعيينا أو تخييرا على ما سنتكلم فيه إن شاء الله تعالى.
ثم إن المعارضة بين الدليلين قد تكون على نحو التباين، وقد تكون على نحو العموم من وجه، فيقع الكلام في مقامين:
(المقام الأول) - في المتباينين: كما إذا دل أحدهما على وجوب شئ، والآخر على عدم وجوبه. وذكر صاحب الكفاية أن الأخبار الواردة في تعارض الخبرين على طوائف:
(منها) - ما يدل على التوقف، و (منها) - ما يدل على الاخذ بما يوافق الاحتياط و (منها) - ما يدل على التخيير على الاطلاق، و (منها) - ما يدل على الترجيح بالمرجحات المذكورة في الروايات.
أقول: أما التوقف، فليس في المقام ما يدل عليه، سوى روايتين:
(إحداهما) - مقبولة عمر بن حنظلة. و (الأخرى) خبر سماعة بن مهران. أما المقبولة، فقد ورد فيها بعد فرض الراوي تساوي الحديثين من حيث موافقة القوم ومخالفتهم " فارجئه حتى تلقى إمامك... " وأما خبر سماعة فقد ورد فيه بعد ما قال الراوي يرد علينا حديثان: واحد يأمرنا بالأخذ به والآخر ينهانا عنه أنه قال " ع ":
" لا تعمل بواحد منهما حتى تلقى صاحبك، فتسأله " قال الراوي: قلت: لابد أن نعمل بواحد منهما، قال (ع): " خذ بما فيه خلاف العامة ".
والتحقيق أنه لا يصح الاستدلال بهما على الحكم بالتوقف، أما المقبولة، فلأنها - مع الغض عن سندها - وردت في مورد التخاصم. ومن الظاهر أن فصل التخاصم لا يمكن بالحكم بتخيير المتخاصمين، إذ كل منهما يختار ما فيه نفعه فتبقى المخاصمة بحالها مضافا إلى إن موردها صورة التمكن من لقاء الإمام عليه السلام.