كما إذا شككنا في بقائها بعد خروج الذي ولا يعارضه استصحاب عدم جعل الطهارة، لان النقض هو المحتاج إلى الجعل. وأما الطهارة المجعولة فهي الوضوء - أي الغسلتان والمسحتان - وقد أتينا بها، فهي باقية بحالها ما لم يصدر منا ما جعله الشارع ناقضا لها، بل استصحاب عدم جعل الذي ناقضا موافق لاستصحاب بقاء الطهارة.
وبعبارة أخرى إنما الشك في أن الصلاة مشروطة بخصوص الطهارة الثانية - أي الحاصلة بعد خروج الذي - أو مشروطة بالأعم منها ومن الطهارة الأولى - أي الحاصلة قبل خروج الذي - والأصل عدم اشتراطها بخصوص الطهارة الثانية.
نعم إذا شككنا في بقاء النجاسة المتيقنة كمسألة تتميم الماء القليل النجس كرا، لا مجال لجريان استصحاب بقاء النجاسة، للمعارضة باستصحاب عدم جعل النجاسة بعد التتميم.
فتحصل أن المختار - في جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية - هو التفصيل على ما ذكرنا، لا الانكار المطلق كما عليه الأخباريون والفاضل النراقي، ولا الاثبات المطلق كما عليه جماعة من العلماء.
ثم إنه بقي هنا شئ طفيف نتعرض له تبعا للمحقق النائيني وهو أنه ذكر بعضهم إشكالا على الاستدلال بالصحيحة المذكورة وغيرها من الصحاح، وهو أن المراد من اليقين - في قوله (ع): لا تنقض اليقين بالشك - هو الجنس المراد منه العموم، وبعد دخول لا عليه يكون المراد سلب العموم لا عموم السلب، فيكون المعنى لا تنقض جميع أفراد اليقين بالشك، فتكون دالة على حجية الاستصحاب على نحو الايجاب الجزئي لا مطلقا.
وهذا الاشكال بمكان من السقوط، فإنه يرد عليه (أولا) أن ما ذكر إنما يصح فيما إذا كان المدخول بنفسه مفيدا للعموم، فبعد دخول النفي عليه يكون سلبا للعموم، بخلاف المقام، فان اليقين نفسه لا يدل على العموم، لان المراد منه الجنس، والعموم