القبلة في جهة أخرى، فمعنى إجزاء هذه الصلاة - التي أتى بها إلى غير جهة القبلة عن الصلاة إلى جهة القبلة - كون الشرط هم الأعم من القبلة الواقعية والظاهرية الثابتة بالبينة، لأنه لا معنى للقول بأن الشرط هو القبلة الواقعية وتجزي عنها جهة أخرى.
فظهر أن اشكال صاحب الكفاية على الشيخ (ره) والعدول عن الجواب بالاجزاء إلى الجواب بكون الشرط هو الأعم، ليس على ما ينبغي. وكذا ظهر عدم صحة ما ذكره المحقق النائيني من أن التعليل يصح على كلا الوجهين، فإنه ليس هنا إلا وجه واحد ذو تعبيرين.
وملخص الجواب عن الاشكال المذكور أن التعليل المذكور ناظر إلى وجود الامر الظاهري حال الصلاة لا ما بعد الصلاة، بعد كون الاجزاء مفروغا عنه عند الراوي، فالتعليل ناظر إلى الصغرى بعد كون الكبرى مسلمة من الخارج.
فحاصل التعليل - بعد سؤال الراوي عن علة عدم وجوب الإعادة في هذه الصورة مع وجوب الإعادة في الصورتين السابقتين - أن المصلي في هذه الصورة محرز للطهارة الظاهرية حال الصلاة، لكونه متيقنا بها فشك ولا يجوز نقض اليقين بالشك، بخلاف الصورتين السابقتين للعلم التفصيلي بالنجاسة في إحداهما والاجمالي في الأخرى، فتنجز عليه التكليف، ولم يستند إلى أمر ظاهري، فتجب عليه الإعادة، ودلالة الامر الظاهري على الاجزاء في باب الطهارة مما لا إشكال فيه ولا خلاف، فمراد الشيخ (ره) من دلالة الامر الظاهري على الاجزاء هي الدلالة في باب الطهارة لا مطلقا ولا يرد عليه شئ.
فتحصل من جميع ما ذكرنا في المقام صحة الاستدلال بهذه الصحيحة أيضا على حجية الاستصحاب، ويجري فيها جميع ما ذكرنا في الصحيحة الأولى من عدم الفرق بين الشك في المقتضي والشك في الرافع، وبيان الفرق بين الشبهات الحكمية والموضوعية