وعليه فالصحيح عدم الفرق في جريان الاستصحاب في الحكم الشرعي بين كونه مستفادا من الدليل الشرعي أو الدليل العقلي.
ثم إنه ذكر الشيخ (ره) أنه إذا اشتبه موضوع حكم العقل وشك في بقائه:
كما إذا شك في بقاء الاضرار في السم الذي حكم العقل بقبح شربه يجري استصحاب الضرر، ويحصل منه الظن بالضرر، فيحكم بالحرمة الشرعية.
وفيه أولا عدم إفادة الاستصحاب الظن بالضرر لا شخصيا - كما اعترف هو به - ولا نوعيا. وثانيا أن الحرمة الشرعية ليست منوطة بالظن بالضرر، بل بخوف الضرر، وهو ينطبق على مجرد الشك والاحتمال العقلائي. هذا في الضرر. وأما غيره فإذا شك في بقاء موضوع حكم العقل: كما إذا حكم العقل بحسن إكرام العالم العادل مثلا، وحكم الشرع بوجوب إكرامه بقاعدة الملازمة، وكان زيد عالما عادلا ثم شككنا في بقاء عدالته، فلا إشكال في جريان الاستصحاب والحكم بعدالته بالتعبد الشرعي فيحكم بوجوب إكرامه.
التفصيل الثالث في حجية الاستصحاب هو التفصيل بين الاحكام الكلية الإلهية وغيرها من الاحكام الجزئية والموضوعات الخارجية، وهو الذي اختاره الفاضل النراقي في المستند، فيكون الاستصحاب قاعدة فقهية مجعولة في الشبهات الموضوعية، نظير قاعدتي الفراغ والتجاوز وغيرهما من القواعد الفقهية. وهذا هو الصحيح، وليس الوجه فيه قصور دلالة الصحيحة وغيرها من الروايات، لان عموم التعليل في الصحيحة والاطلاق في غيرها شامل للشبهات الحكمية والموضوعية، واختصاص المورد بالشبهات الموضوعية لا يوجب رفع اليد عن عموم التعليل، بل الوجه في هذا التفصيل أن الاستصحاب في الاحكام الكلية معارض بمثله دائما.
بيانه: أن الشك في الحكم الشرعي تارة يكون راجعا إلى مقام الجعل ولو لم