الافراد، فتكون النتيجة النسخ. فذكروا في ذلك التخصيص مقدم على النسخ، لكثرته حتى قيل: " ما من عام إلا وقد خص ".
وأورد عليه بأن كثرة التخصيص لا توجب إلا لظن به. ومجرد الظن لا يكفي ما لم تكن قرينة على التخصيص بحسب متفاهم العرف. ولذا غير صاحب الكفاية أسلوب الكلام، وقال: إن كثرة التخصيص توجب اقوائية ظهور الخاص من ظهور العام، فتقديم التخصيص على النسخ إنما هو لأجل الاخذ بأقوى الظهورين، لا لمجرد الكثرة.
وأورد عليه المحقق النائيني (ره) بأن الخاص في نفسه لا يدل على الاستمرار، إذ الدليل على ثبوت الحكم لا يكون متكفلا لبيان استمراره، لان الدليل على ثبوت حكم لا يدل على عدم نسخه واستمراره، ضرورة أن جعل الحكم - بأي كيفية كان - قابل للنسخ فيما بعد، فلا يمكن إثبات استمراره بالدليل الأول عند الشك في نسخه، بل لابد من التمسك باستصحاب عدم النسخ، فيدور الامر بين العمل بالاستصحاب والعمل بعموم العام. والمتعين حينئذ هو العمل بالعام، لكونه دليلا اجتهاديا، والاستصحاب أصلا عمليا، فتكون النتيجة تقديم النسخ على التخصيص.
والانصاف عدم ورود هذا الاشكال على صاحب الكفاية (ره)، لما ذكرناه في البحث عن استصحاب بقاء أحكام الشرايع السابقة من أن النسخ الحقيقي في الأحكام الشرعية غير متصور، لاستلزامه البداء المستحيل في حقه تعالى، فالشك في النسخ راجع إلى الشك في تخصيص الحكم المجعول من جهة الزمان فلا مانع من التمسك باطلاق دليله، بلا احتياج إلى الاستصحاب، إذ الدليل يثبت الحكم للطبيعة، فيشمل أفرادها العرضية والطويلة. وليس استمرار الحكم إلا عبارة عن ثبوته للأفراد