الطويلة للطبيعة. نعم يرد عليه إشكال آخر، وهو أن شمول الحكم للأفراد الطولية إنما هو بالاطلاق المتوقف على جريان مقدمات الحكمة، وشمول العام لجميع الافراد إنما هو بالوضع. وقد تقدم أنه إذا دار الامر بين العموم والاطلاق يقدم العموم على الاطلاق. ولازمه في المقام تقديم النسخ على التخصيص.
وذكر المحقق النائيني (ره) وجها آخر لتقديم التخصيص على النسخ، وهو أن دلالة ألفاظ العموم - على شمول الحكم لجميع الافراد - متوقفة على جريان مقدمات الحكمة في مدخولها، والخاص مانع عنها، لكونه بيانا. وهذا الكلام مأخوذ مما ذكره صاحب الكفاية في بحث العام والخاص: من أن لفظ كل - في قولنا:
أكرم كل عالم مثلا - لا يدل على شمول الكم لجميع افراد العالم الا بجريان مقدمات الحكمة في مدخوله، فان كلمة كل إنما تفيد شمول الحكم لجميع أفراد ما أريد من المدخول، فان كان المراد منه في المثال خصوص العالم العادل، فلا يدل لفظ الكل إلا على شمول الحكم لجميع أفراد العالم العادل، وان كان المراد منه هو العالم باطلاقه، فيدل لفظ كل على ثبوت الحكم لجميع أفراد العالم مطلقا.
ويرد على ما ذكرناه في ذلك البحث من أن ألفاظ العموم بنفسها متكفلة لبيان شمول الحكم لجميع الافراد بلا احتياج إلى جريان مقدمات الحكمة. فان كلمة (كل) بوضعها تدل على سريان الحكم لجميع افراد مدخولها، فمفاد قولنا: أكرم كل عالم هو وجوب اكرام جميع افراد العالم من العادل وغيره، بلا احتياج إلى مقدمات الحكمة.
والمتحصل مما ذكرناه أن جميع الوجوه - التي ذكروها لتقديم التخصيص على النسخ - غير تام. والصحيح في وجهه أمران:
(الأول) - أن الخاص - المقدم على العام على ما هو محل الكلام - مانع عن انعقاد