والآتيان بها في مكان يتمكن فيه منهما دون القيام لكون سقفه نازلا، فالمكلف مخير بين المكانين إذا لم يتمكن من الاحتياط باتيان الصلاة فيهما. وكرر هذا الفرع في مبحث القيام. واختار فيه أيضا ما ذكره في مبحث مكان المصلي من التخيير. وذكر المحقق النائيني (ره) في حاشيته، على أحد الموضعين: أنه يجب تقديم القيام، وعلى الموضع الاخر انه يجب تقديم الركوع والسجود. ونظره في الأول إلى كون القيام مقدما زمانا على الركوع والسجود، وفى الثاني إلى كون الركوع والسجود أهم من القيام. وعلى كل حال بين كلاميه تدافع ظاهر.
والتحقيق أن أمثال هذه المقامات - مما يكون الواجب فيها من الواجبات الضمنية، لكونه جزء من مركب أو شرطا - خارجة عن التزاحم موضوعا، فلو دار الامر بين جزءين من واجب واحد، أو بين شرطية، أو بين جزء وشرط منه، لا يصح الرجوع إلى مرجحات باب التزاحم. والوجه في ذلك أن الواجب هو المركب من جميع الاجزاء والشرائط، وبعد تعذر جزء أو شرط يسقط الوجوب رأسا.
ولا تصل النوبة إلى التزاحم، إذ الوجوب الأول كان متعلقا بالمجموع. وقد سقط بالتعذر، ووجوب الباقي يحتاج إلى دليل. ولذا لو اضطر الصائم إلى الافطار في بعض آنات اليوم، لم يلتزم أحد من الفقهاء بوجوب الامساك في الباقي من آنات هذا اليوم.
نعم في خصوص باب الصلاة يجب الاتيان بالباقي لما دل على أن الصلاة لا تسقط بحال، بل الضرورة قاضية بعدم جواز ترك الصلاة في حال إلا لفاقد الطهورين، فإنه محل الخلاف بينهم، فإذا تعذر بعض اجزاء الصلاة أو بعض شروطها وكان المتعذر متعينا، كما إذا لم يتمكن المصلي من القيام مثلا يجب عليه الاتيان بالباقي بلا اشكال.
وأما إذا كان المتعذر مرددا بين جزءين، كما في الفرع الذي نقلناه من العروة أو بين شرطين أو بين جزء وشرط منها، فيكون داخلا في باب التعارض، إذ وجوب كلا