الحكمين معا، بحيث يكون امتثال أحدهما متوقفا على مخالفة الاخر كمسألة إنقاذ الفريقين.
والمثالان ليسا كذلك، بداهة أنه لا مزاحمة بين الواجب الموسع والواجب المضيق، لقدرة المكلف على امتثال كليهما، إذ التكليف في الواجب الموسع متعلق بالطبيعة ملغى عنها الخصوصيات الفردية. والمكلف قادر على امتثال التكليف بالطبيعة في ضمن الفرد غير المزاحم للواجب المضيق. نعم الفرد الخاص من الطبيعة مزاحم للواجب المضيق، وليس هو الواجب، بل الواجب هو الطبيعة، وهو فرد منه. وكذا الكلام في الواجب التخييري والتعييني، فإنه لا مزاحمة بينهما، لقدرة المكلف على امتثال كليهما، لان التكليف في الواجب التخييري أيضا متعلق بالجامع، وإن كان أمرا انتزاعيا. كعنوان أحد الامرين. ولا مزاحمة بين التكليف بالكلي والواجب التعييني.
وإنما المزاحمة بين فرد خاص منه والواجب التعييني، وليس هو الواجب إلا على قول سخيف في الواجب التخييري، وهو أن الواجب ما يختاره المكلف، وقد تبرأ من هذا القول كل من الأشاعرة والمعتزلة، ونسبه إلى الاخر. فلا مزاحمة بين الواجبين في المثالين.
ووجوب التقديم فيهما إنما هو بحكم العقل، لكون المكلف قادرا على امتثال التكليفين، فيجب عليه امتثالهما عقلا بتقديم المضيق. والآتيان بالموسع بعده، وباتيان الواجب التعييني والعدل غير المزاحم له من أفراد الواجب التخييري. ولا يجوز تقديم الموسع والواجب التخييري. فإنه يوجب فوات الواجب المضيق والواجب التعييني من قبل نفسه.
(المرجح الثاني) - كون أحد الواجبين غير مشروط بالقدرة شرعا، فيقدم على واجب مشروط بها شرعا. والمراد بالثاني ما يكون ملاكه متوقفا على القدرة، ففي صورة العجز ليس له ملاك أصلا. بخلاف الأول، فان المراد به ما يكون ملاكه غير متوقف على القدرة، فهو تام لملاك ولو مع العجز، وإن كان المكلف معذورا في فواته عقلا، كما إذا دار الامر بين حفظ النفس المحترمة من الهلاك، وبين الوضوء