الجزءين معلوم الانتفاء، لعدم القدرة إلا على أحدهما. ولا ندري أن الواجب المجعول في هذا الحال أيهما؟ فإذا لابد من الرجوع إلى الأدلة الدالة على الاجزاء والشرائط، فان كان دليل أحد طرفي الترديد لفظيا ودليل الطرف الآخر لبيا، يجب الاخذ بالدليل اللفظي، إذ الدليل اللبي يقتصر فيه بالقدر المتيقن، وهو غير مورد المعارضة مع الدليل اللفظي: كما إذا دار الامر بين الاتيان بالصلاة قائما بدون الاستقرار، والآتيان بها جالسا معه، فان الدليل على وجوب القيام لفظي، كقوله (ع): " من لم يقم صلبه فلا صلاة له "، وعلى وجوب الاستقرار لبي وهو الاجماع، فيؤخذ بالدليل اللفظي، ويحكم بوجوب الاتيان بالصلاة قائما ولو بدون الاستقرار. وكذا الكلام فيما إذا كان كلا الدليلين لفظيا. ولكن كان أحدهما عاما والاخر مطلقا، فيجب الاخذ بالعام، لكونه صالحا لان يكون بيانا للمطلق، فلا تجري مقدمات الحكمة ليؤخذ بالمطلق وأما إذا كان الدليل في كليهما لبيا أو في كليهما لفظيا، وكان كلاهما مطلقا.
فيتساقطان ولابد من الرجوع إلى الأصل العملي. وحيث أنا نعلم بوجوب أحدهما في الجملة من الخارج فيكون المرجع أصالة عدم اعتبار خصوصية هذا وذاك، فتكون النتيجة التخيير كما في العروة. وأما إن كان الدليل في كليهما لفظيا وكان كلاهما عاما، فلابد من الرجوع إلى المرجحات السندية، كما يأتي إن شاء الله تعالى.
هذا كله فيما إذا دار الامر بين المختلفين في النوع: كالقيام والركوع. وأما إذا كان الامر دائرا بين فردين من نوع واحد، كما إذا دار الامر بين القيام في الركعة الأولى والركعة الثانية، أو دار الامر بين الركوع في الركعة الأولى والركعة الثانية:
فلا يتصور فيه تعدد الدليل لتجري احكام التعارض، إذ الدليل على وجوب القيام في كل ركعة واحد. وكذا الدليل على وجوب الركوع في كل ركعة واحد. أما القيام، فالذي يظهر من دليله اختياره في الركعة الأولى، فان الظهر - من قوله (ع):