بينهما، فلا نحتاج إلى تأسيس أصل يكون مرجعا عند الشك في التعارض والتزاحم.
وكيف يمكن تأسيس الأصل للشك بينهما، مع عدم الجامع بينهما أصلا، بأن يكونا داخلين في جامع فعلم بوجوده وشك في الخصوصية؟ وكان المحقق النائيني (ره) يقول:
إن القول - بأن الأصل التعارض أو التزاحم - أشبه شئ بأن يقال: إن الأصل في الأشياء الطهارة أو صحة بيع الفضولي.
ثم إن المحقق النائيني (ره) ذكر قسما آخر من التزاحم، وسماه التزاحم من غير ناحية القدرة، كما في القسم السابق. ومثله بما لو كان المكلف مالكا لخمس وعشرين من الإبل في ستة أشهر، ثم ملك بعيرا آخر، فمقتضى أدلة الزكاة هو وجوب خمس شياه عند انقضاء حول الخمس والعشرين، ووجوب بنت مخاض عند انقضاء حول الست والعشرين. ولكن قام الدليل على أن المال لا يزكى في عام واحد مرتين، فيقع التزاحم بين الحكمين من جهة هذا الدليل الخارجي، لا من جهة عدم قدرة المكلف على امتثالهما معا. فلابد من سقوط ستة أشهر، إما من حول الخمس والعشرين، وإما من حول الست والعشرين، إذ لولا السقوط يلزم تزكية المال في ظرف ستة أشهر مرتين، وهي الستة الوسطى من ثمانية عشر شهرا، لكونها منتهى لنصاب الخمس والعشرين، ومبدءا لنصاب الست والعشرين، فيلزم احتسابها مرتين ووجوب الزكاة فيها مرتين.
وهذا هو التزاحم من جهة الدليل الخارجي لا من جهة عدم قدرة المكلف. ولا يكون من باب التعارض، لعدم التنافي من حيث المدلول بين ما يدل على وجوب خمس شياه في الخمس والعشرين، وما يدل على وجوب بنت مخاض في الست والعشرين. هذا محصل كلامه زيد في علو مقامه.
ولم يتضح لنا وجه لكون هذا المثال من باب التزاحم، فإنه من قبيل تعارض الدليلين في مسألة الظهر والجمعة بعينه، إذ لا تنافي بين ما يدل على وجوب الظهر وما يدل