- على البحث عن أن تقديمها على الاستصحاب الحكمي هل هو من باب الحكومة أو التخصيص؟ - ثمرة عملية فلا نتعرض للتكلم في هذه الجهة إذ بعد استقرار السيرة على الحمل على الصحة - في مثل المثال المذكور - تكون أصالة الصحة مقدمة على الاستصحاب سواء كان من باب الحكومة أم التخصيص، فلا فائدة في البحث عن هذه الجهة. وأما الاستصحاب الموضوعي - كما إذا شك في صحة بيع لكون المبيع خمرا سابقا. وشك في انقلابه خلا حين البيع - فلا إشكال في جريان الاستصحاب الموضوعي، فيحكم ببقائه على الخمرية بالتعبد، فلا يبقى شك في فساد الجميع، لكونه واقعا على ما هو خمر بحكم الشارع. وكذا لو شك في صحة بيع لاحتمال كون أحد المتبايعين غير بالغ، فبأصالة عدم بلوغه يحرز كون البيع صادرا من غير البالغ، فيحكم بفساده. ولا مجال لجريان أصالة الصحة في مثله لا لتقديم الاستصحاب الموضوعي عليها، بل لعدم جريانها في نفسها مع قطع النظر عن الاستصحاب المذكور، لما ذكرناه من أنها متوقفة على احراز قابلية الفاعل والمورد، فمع الشك في قابلية المورد - كما في المثال الأول. أو في قابلية الفاعل كما في المثال الثاني - لا تجري أصالة الصحة، لعدم تحقق السيرة على الحمل على الصحة إلا بعد إحراز القابلية، فهي غير جارية ولو لم يجر الاستصحاب أيضا، فعدم جريان أصالة الصحة في هذه الأمثلة إنما هو لعدم المقتضي، لا لوجود المانع.
واعلم أن المحقق النائيني (ره) ذكر في المقام أنه - على القول بكون أصالة الصحة من الامارات، والاستصحاب من الأصول - لا إشكال في تقديمها عليه. وعلى القول بالعكس لا إشكال في العكس. وأطال الكلام في تقديم أحدهما على الآخر على القول بكون كليهما من الامارات أو من الأصول.
وظهر بما ذكرناه أن هذه التفصيلات لا ترجع إلى محصل، لأنا ذكرنا أن الدليل على أصالة الصحة هي السيرة، ففي كل مورد جرت السيرة فيه على الحمل على الصحة،