و (أما القسم الثالث) - فيجري الاستصحاب أيضا، لان الأثر الشرعي مترتب على الموضوع المركب من وجود زيد وعدالته. وقد ذكرنا في المباحث السابقة: أنه إذا كان الموضوع مركبا (فتارة) يحرز أحدهما بالوجدان والاخر بالأصل، كما إذا شككنا في بقاء كرية ماء موجود في الخارج، فان وجود الماء محرز بالوجدان، وكريته محرزة بالاستصحاب، فيترتب عليه الحكم وهو عدم الانفعال، وكذا إذا شككنا في بقاء اطلاقه مع العلم بكونه كرا، فيحرز إطلاقه بالأصل، وكريته بالوجدان. و (أخرى) يحرز كلاهما بالأصل، كما إذا شككنا في بقاء كريته مع الشك في بقاء اطلاقه. والمقام من هذا القبيل، فبعد الشك في بقاء العدالة مع الشك في بقاء الحياة، يجري الاستصحاب في كليهما. ومجرد كون أحدهما في طول الاخر - بحسب الوجود الخارجي - لا يمنع من جريان الاستصحاب فيهما معا. ولا يخفى أنه يجري في القسم الأول كل ما ذكرناه في القسم الثالث وبالعكس، فيمكن جريان الاستصحاب فيهما بكيفيتين: ذكرنا إحداهما في القسم الأول، والأخرى في القسم الثالث من باب التفنن. هذا كله في جريان الاستصحاب في الموضوعات.
أما جريانه في الاحكام فبيانه: أن الحكم المشكوك فيه (تارة) يكون من الاحكام الجزئية كما في الشبهات الموضوعية. و (أخرى) يكون من الاحكام الكلية. وهذا على قسمين: لأن الشك في بقاء الحكم الكلي إما أن يكون في ناحية الجعل لاحتمال النسخ، وإما أن يكون في ناحية المجعول فهذه هي أقسام ثلاثة:
أما إذا كان الشك في الحكم الجزئي، فلا يجري فيه الاستصحاب، لكونه محكوما بالأصل السببي، إذا الشك في الحكم - في الشبهات الموضوعية - مسبب عن الشك في بقاء الموضوع، فبجريان الأصل الموضوعي يترتب الحكم ولا تصل النوبة إلى جريان الاستصحاب في الحكم، بل لا يجري الاستصحاب في الحكم