بهذا الاستصحاب تأخر وجوده عن يوم الخميس إن كان لعنوان التأخر أثر، فان التأخر عن يوم الخميس لازم عقلي لعدم الحدوث يوم الخميس، فاثباته باستصحاب عدم الحدوث يوم الخميس متوقف على القول بالأصل المثبت، وكذا لا يثبت به الحدوث يوم الجمعة، فان الحدوث عبارة عن الوجود الخاص، وهو أول الوجود.
وبعبارة أخرى: الحدوث عبارة عن الوجود المسبوق بالعدم، فاثبات الحدوث يوم الجمعة باستصحاب عدم الحدوث يوم الخميس متوقف على القول بالأصل المثبت.
نعم لو كان الحدوث مركبا من أمرين (أي الوجود يوم الجمعة مثلا، وعدم الوجود يوم الخميس) لترتبت آثار الحدوث بالاستصحاب المذكور، لكون أحد الجزءين محرزا بالوجدان (وهو الوجود يوم الجمعة) والجزء الآخر بالأصل (وهو عدم الوجود يوم الخميس) لكنه خلاف الواقع، فان الحدوث أمر بسيط وهو الوجود المسبوق بالعدم. ويجري ما ذكرناه فيما إذا شك في تقدم الارتفاع وتأخره مع العلم بأصل تحققه، فلا مانع من جريان أصالة عدم الارتفاع إلى زمان العلم به، ولا يمكن إثبات تأخر الارتفاع ولا حدوثه بهذا الاستصحاب إلا على القول بالأصل المثبت.
و (أما المقام الثاني) وهو ما إذا كان الشك في تقدم حادث وتأخره بالنسبة إلى حادث آخر، كما إذا علمنا بموت الوالد وإسلام الولد، وشككنا في أن الاسلام متقدم على الموت ليرث الولد من والده أو أنه متأخر عنه لئلا يرث منه، فتحقيق الكلام فيه يقتضي ذكر مقدمة، وهي: ما أشرنا إليه آنفا من أن الموضوع إذا كان بسيطا لا يمكن ترتيب أثره باستصحاب يجري في ملزومه، وإن كان الموضوع مركبا من أمرين، فلا مانع من جريان الاستصحاب وترتيب اثر هذا الموضوع المركب إذا كان أحد الجزءين محرزا بالوجدان والآخر بالأصل، كما إذا شككنا في حياة الولد حين موت والده، فان الموضوع للإرث مركب من أمرين: موت الوالد، وحياة الولد حين موت الوالد.