الطهارة مع وجود اليقين والشك بالنسبة إليها، لعدم اتصال زمان الشك بزمان اليقين بل يجري فيه استصحاب الحدث. وأما موارد احتمال الانفصال، فلان الشبهة حينئذ مصداقية، فلا يمكن الرجوع معه إلى العموم حتى على القول بجواز التمسك به فيها، فان القائل به انما يدعي ذلك فيما إذا انعقد للعام ظهور وكان المخصص منفصلا، كما إذا دل دليل على وجوب إكرام العلماء ثم ورد دليل آخر على عدم وجوب اكرام الفساق منهم، وشككنا في أن زيدا عادل أو فاسق. وأما إذا كان المخصص متصلا ومانعا عن انعقاد الظهور في العموم من أول الامر، كما إذا قال المولى: أكرم العالم العادل، وشككنا في عدالة زيد، فلم يقل أحد بجواز التمسك بالعموم فيه. والمقام من هذا القبيل، لما ذكرناه من أن أدلة حجية الاستصحاب قاصرة عن الشمول لموارد الانفصال فإذا لم يحرز الاتصال لم يمكن التمسك بها. وحيث أن الحادثين في محل الكلام مسبوقان بالعدم ويشك في المتقدم منهما مع العلم بحدوث كل منهما، فلم يحرز اتصال زمان الشك بزمان اليقين، فلا مجال لجريان الاستصحاب.
وتوضيح ذلك يحتاج إلى فرض أزمنة ثلاثة: زمان اليقين بعدم حدوث كل من الحادثين، وزمان حدوث أحدهما بلا تعيين، وزمان حدوث الآخر كذلك.
فنفرض أن زيدا كان حيا في يوم الخميس، وابنه كان كافرا فيه، فعدم موت المورث وعدم اسلام الوارث كلاهما متيقن يوم الخميس، وعلمنا بحدوث أحدهما لا بعينه يوم الجمعة وبحدوث الآخر يوم السبت. ولا ندري أن الحادث يوم الجمعة هو اسلام الولد حتى يرث أباه، أو موت الوالد حتى لا يرثه، لكونه كافرا حين موت أبيه، فان لو حظ الشك في حدوث كل من الحادثين بالنسبة إلى عمود الزمان، يكون زمان الشك متصلا بزمان اليقين، فان زمان اليقين بالعدم يوم الخميس وزمان الشك في حدوث كل واحد من الحادثين يوم الجمعة وهما متصلان، فلا مانع من جريان استصحاب عدم حدوث الاسلام