وفيه أنه يمكن اختيار كل من الشقين: أما الشق الأول، فلما عرفت في بحث العام والخاص من أنه لا مانع من جريان الاستصحاب في الاعدام الأزلية. وأما الشق الثاني فلانه لافرق بين الجعل والمجعول إلا بالاعتبار، نظير الفرق بين الماهية والوجود أو الايجاد والوجود، فلا يكون استصحاب عدم الجعل لاثبات عدم المجعول من الأصل المثبت في شئ. فالتحقيق ما ذكره الشيخ (ره) من جريان استصحاب عدم التكليف في المقام، فلا تصل النوبة إلى البراءة أو الاشتغال.
بقي هنا شئ وهو أنه لو كان الحكم مقيدا بالزمان، وشككنا في بقاء الحكم بعد الغاية لاحتمال كون التقيد بالزمان من باب تعدد المطلوب ليبقى طلب الطبيعة بعد حصول الغاية، فهل يجري فيه الاستصحاب أم لا؟ الظاهر جريانه مع الغض عما ذكرنا سابقا من عدم جريان الاستصحاب في الاحكام الكلية الإلهية. والوجه في ذلك أن تعلق طبيعي الوجوب بالجامع بين المطلق والمقيد معلوم على الفرض. والتردد إنما هو في أن الطلب متعلق بالمطلق وايقاعه في الزمان الخاص مطلوب آخر ليكون الطلب باقيا بعد مضيه، أو أنه متعلق بالمقيد بالزمان الخاص ليكون مرتفعا بمضيه؟ وعليه فيجري فيه الاستصحاب، ويكون من القسم الثاني من أقسام استصحاب الكلي. ومن ثمرات جريان هذا الاستصحاب تبعية القضاء للأداء وعدم الاحتياج إلى أمر جديد. وليكن هذا نقضا على المشهور، حيث إنهم قائلون بجريان الاستصحاب في الاحكام الكلية.
وبجريان الاستصحاب في القسم الثاني من الكلي، ومع ذلك يقولون: إن القضاء ليس تابعا للأداء، بل هو بأمر جديد. نعم على المسلك المختار من عدم جريان الاستصحاب في الاحكام الكلية، لا يجري الاستصحاب هنا أيضا، فيحتاج القضاء إلى أمر جديد.
هذا تمام الكلام في جريان الاستصحاب في التدريجيات من الزمان والزمانيات.
(التنبيه السادس) - في الاستصحاب التعليقي، اعلم أن الحكم (تارة)