على أنه لو كان مرجحا لم يبق موضوع، لما ذكر من أن ترجيح وجود الفعل على عدمه يتوقف على وجود مرجح، لفرض أنه موجود وهو الاختيار.
ومن هنا يظهر بطلان ما ذكر: من أن الفعل الصادر من دون وجود مرجح اتفاقي، لا اختياري.
وأما النقطة الثالثة فقد ظهر فسادها مما أشرنا إليه في النقطة الثانية: من أن المحال إنما هو وجود الفعل بلا سبب وفاعل، لا وجوده بدون وجود مرجح. وقد وقع الخلط في كلامه بين هذين الأمرين، وذلك لأن ما يوجب سد باب إثبات الصانع إنما هو وجود الممكن بدونه، حيث قد برهن في موطنه استحالة ترجح الممكن ووجوده من دون سبب وفاعل، لأن حاجة الممكن إليه داخلة في كمون ذاته وواقع مغزاه، لفرض أنه عين الفقر والحاجة، لا ذات له الفقر والحاجة، فلا يمكن تحققه ووجوده بدونه.
وأما وجوده بدون وجود مرجح - كما هو محل الكلام - فلا محذور فيه أصلا.
وأما النقطة الرابعة فقد عرفت أن الفعل الاختياري لا يتوقف على وجود مرجح له. وعلى تقدير توقفه عليه وافتراضه فلا يلزم أن يكون اختياريا دائما، لوضوح أن المرجح قد يكون اختياريا، وقد لا يكون اختياريا. وعلى تقدير أن يكون اختياريا فلا يلزم التسلسل، وذلك لأن الفعل في وجوده يحتاج إلى وجود مرجح، وأما المرجح فلا يحتاج في وجوده إلى مرجح آخر، بل هو ذاتي له فلا يحتاج إلى سبب كما هو ظاهر.
وأما النقطة الخامسة فيظهر خطؤها مما ذكرناه: من أنه لا دخل للمرجح في صدور الفعل بالاختيار، فيمكن صدوره عن اختيار مع عدم وجود المرجح له أصلا.
كما أنه يظهر بذلك: أن وجوده لا يوجب وجوب صدور الفعل وضرورة وجوده في الخارج، وذلك لأن الفعل الاختياري ما يصدر بالاختيار وإعمال القدرة، سواء أكان هناك مرجح أم لم يكن، بداهة أن المرجح مهما كان نوعه لا