بمقتضى قاعدة الطهارة أو استصحابها وكان في الواقع نجسا فصلاته وإن كانت في الظاهر محكومة بالصحة ويترتب عليها آثارها إلا أنها باطلة في الواقع، لوقوعها في النجس، وعليه فإذا انكشف الخلاف انكشف أنها فاقدة للشرط من الأول، وأنه لم يأت بالصلاة المأمور بها واقعا، وأن ما أتى به ليس مطابقا لها. فإذا بطبيعة الحال تجب الإعادة أو القضاء، والإتيان بالمأمور به بالأمر الظاهري إنما يكون عذرا له في تركها ما دام بقاء الجهل والشك، وأما إذا ارتفع وانكشف الحال لم يكن معذورا في تركها.
فالأحكام الظاهرية في الحقيقة أحكام عذرية فحسب، وليست أحكاما حقيقية في قبال الأحكام الواقعية، والمكلف مأمور بترتيب آثار الواقع عليها ما دام الجهل، وإذا ارتفع ارتفع عذره، وبعده لا يكون معذورا في ترك الواقع، وترتيب آثاره عليه من الأول.
وأما حديث حكومة تلك القواعد على الأدلة الواقعية - كما تقدم ذكره (1) - فلا يجدي، والسبب في ذلك: هو أن هذه الحكومة حكومة ظاهرية موقتة بزمن الجهل بالواقع والشك فيه، وليست بحكومة واقعية لكي توجب توسعة الواقع أو تضييقه.
ونتيجة هذه الحكومة بطبيعة الحال ترتيب آثار الواقع ما لم ينكشف الخلاف، فإذا انكشف فلابد من العمل على طبق الواقع.
وبكلمة أخرى: أن الشرط هو الطهارة أو الحلية الواقعية فحسب بمقتضى الأدلة الواقعية، وهذه القواعد والأصول إنما تثبت الطهارة أو الحلية في مواردها عند الشك والجهل بها، والمكلف مأمور بترتيب آثار الواقع عليها ما دام هذا الشك والجهل، فإذا ارتفع انكشف أن العمل فاقد له من الأول. وعليه فما أتى به غير مأمور به واقعا. ومن الطبيعي أن إجزاء غير المأمور به عن المأمور يحتاج إلى دليل خاص، وإلا فمقتضى القاعدة عدم إجزائه عنه.