فكذلك لا حكم في موارد الأمارات المخالفة له. ومن هنا تتصف الأمارات بالصدق مرة وبالكذب مرة أخرى.
فالنتيجة في نهاية المطاف: هي أن في مقام الثبوت وإن كان لا فرق بين الأمارات والأصول حيث إن كلتيهما وظائف مجعولة للجاهل بالواقع دون العالم به إلا أنهما تفترقان في مرحلة الإثبات في نقطة واحدة، وهي: أن الشك قد اخذ في موضع الأصول في لسان أدلتها، ومن هنا يكون الحكم المجعول في مواردها في قبال الواقع من دون نظره إليه. وهذا بخلاف الأمارات فإن الشك لم يؤخذ في موضوعها في لسان أدلتها، وأن لسانها - كما عرفت - لسان إثبات الواقع والنظر إليه (1).
وعلى ضوء ذلك لا مناص من القول بعدم الإجزاء في موارد الأمارات عند كشف الخلاف، لما عرفت من عدم الحكم في موارد مخالفتها للواقع، لا واقعا ولا ظاهرا (2)، ومعه كيف يتصور الإجزاء فيها؟ ومن هنا اتفقت كلماتهم على عدم الإجزاء في موارد القطع بالخلاف.
وغير خفي أن ما أفاده (قدس سره) خاطئ نقضا وحلا.
أما الأول فلأن الالتزام بما أفاده (قدس سره) مما لا يمكن في غير باب الصلاة من أبواب الواجبات كالعبادات والمعاملات. ومن هنا لو توضأ بماء قد حكم بطهارته من جهة قاعدة الطهارة أو استصحابها ثم انكشف نجاسته لم يلتزم أحد من الفقهاء والمجتهدين حتى هو (قدس سره) بالإجزاء فيه، وعدم وجوب إعادته.
وكذا لو غسل ثوبه أو بدنه في هذا الماء ثم انكشف نجاسته لم يحكم أحد بطهارته...، وهكذا.
مع أن لازم ما أفاده (قدس سره) هو الحكم بصحة الوضوء في المثال الأول، وبطهارة الثوب أو البدن في المثال الثاني، لفرض أن الشرط أعم من الطهارة الظاهرية