امتثال هذا وذاك. وإن كان أحدهما محتمل الأهمية دون الآخر ففي مثله تعين امتثاله بحكم العقل دون ذاك، وذلك بقانون أن الاشتغال اليقيني يقتضي البراءة اليقينية، وحيث إن المكلف في مفروض الكلام يعلم باشتغال ذمته بالتكليف فلا بد له من الخروج عن عهدته وتحصيل الأمن من العقوبة عليه، ومن الطبيعي أنه لا يحصل له الأمن منها إلا بامتثال ما هو محتمل الأهمية دون غيره، بداهة أن وظيفته في الواقع لا تخلو من أن تكون هي التخيير بينهما، أو التعيين والإتيان بخصوص هذا، وعلى كلا التقديرين حيث إن امثتاله مؤمن دون امتثال غيره تعين بحكم العقل.
وأما في غير هذين الموردين فالمرجع هو أصالة البراءة، وذلك لأن تعلق التكليف بالجامع معلوم، وتعلقه بالخصوصية الزائدة مشكوك فيه، ومقتضى الأصل البراءة عنه، وهذا كما في دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين.
وبعد ذلك نقول: إن دوران الأمر في المقام وإن كان بين التعيين والتخيير إلا أنه حيث كان في مقام الجعل لا في مقام الفعلية والامتثال فبطبيعة الحال يدخل في كبرى مسألة الأقل والأكثر الارتباطيين، لفرض أن تعلق الأمر بالجامع بين الفعل الاختياري والاضطراري معلوم، وتعلقه بخصوص الفعل الاختياري مشكوك فيه، للشك في أن فيه ملاكا ملزما يخصة فمقتضى الأصل فيه البراءة.
وقد تحصل مما ذكرناه: أن الصحيح هو ما ذهب إليه المحقق صاحب الكفاية (قدس سره): من أن الأصل يقتضي البراءة عن وجوب الإتيان بالفعل الاختياري (1).
إلى هنا قد انتهينا إلى هذه النتيجة، وهي: أن تعلق الأمر الاضطراري بالفعل الناقص وجواز البدار إليه واقعا مع فرض تمكن المكلف من الإتيان بالفعل الاختياري بعد ارتفاع الاضطرار في أثناء الوقت يحتاج إلى دليل، وقد قام الدليل على ذلك في خصوص موارد التقية وأن البدار فيها جائز كما أشرنا إليه سابقا.
وأما فيما عدا موارد التقية فقد أشرنا (2) إلى أن جماعة منهم: السيد (قدس سره) في