مستهجن فلا يمكن ارتكابه.
فالنتيجة: أن هذه الروايات ولو بضمائم خارجية ناظرة إلى أن الغاية القصوى من الواجبات الآلهية - وهو وصول الإنسان إلى درجة راقية من الكمالات واستحقاقه لدخول الجنة والحور العين وما شاكل ذلك - لا تترتب إلا بإتيانها خالصا لوجه الله تعالى، وليست ناظرة إلى اعتبارها في الصحة وعدم استحقاق العقاب.
الثالث: بقوله سبحانه وتعالى: * (وما امروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) * (1) ببيان أن الآية الكريمة واضحة الدلالة على حصر الأوامر الصادرة عنه سبحانه تعالى بالأوامر العبادية، وتدل على لزوم الإتيان بمتعلقاتها عبادة وخالصة وهي نية القربة.
أو فقل: إن الآية تدل على حصر الواجبات الإلهية بالعبادات، وعليه فإن قام دليل خاص على كون الواجب توصليا فهو، وإلا فالمتبع هو عموم الآية، وهذا معنى كون الأصل في الواجبات التعبدية، فالتوصلية تحتاج إلى دليل.
وفيه: أن الاستدلال بظاهر هذه الآية الكريمة وإن كان أولى من الاستدلال بالروايات المتقدمة إلا أنه لا يمكن الالتزام بهذا الظاهر، وذلك من ناحية وجود قرينة داخلية وخارجية.
أما القرينة الداخلية فهي ورودها في سياق قوله تعالى: * (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة) * (2)، حيث يستفاد من هذا: أن الله عز وجل في مقام حصر العبادة بعبادة الله تعالى، وليس في مقام حصر أن كل أمر ورد في الشريعة المقدسة عبادي إلا فيما قام الدليل على الخلاف، فالآية في مقام تعيين المعبود وقصر العبادة عليه - ردا على الكفار والمشركين الذين عبدوا الأصنام والأوثان وغير ذلك حيث لا سلطان ولا بينة لهم على ذلك، فلو طلب منهم البينة فقالوا: " إنا وجدنا آباءنا على ذلك " - لا في مقام بيان حال