تترتب عليها إلا مع النيات الحسنة لا بدونها، فإذا أتى المكلف بعمل فإن قصد به وجه الله تعالى تترتب عليه المثوبة، وإن لم يقصد به وجه الله سبحانه بل قصد به أمرا دنيويا ترتب عليه ذلك الأمر الدنيوي دون الثواب. ولا يكون مفادها فساد العمل وعدم سقوط الأمر، فلو جاء المكلف بدفن الميت - مثلا - فإن أراد به وجه الله تعالى أثيب عليه، وإلا فلا وإن سقط الأمر عنه بذلك وفرغت ذمته.
وقد صرح بذلك في بعض هذه الروايات، كقوله (عليه السلام): " إن المجاهد إن جاهد لله تعالى فالعمل له تعالى، وإن جاهد لطلب المال والدنيا فله ما نوى " (1). واليه أشار أيضا قوله تعالى: * (من يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها) * (2).
والحاصل: أن الروايات ناظرة إلى أنه يصل لكل عامل من الأجر حسب ما نواه من الدنيوي أو الأخروي.
وبكلمة أخرى: الكلام تارة يقع في ترتب الثواب على الواجب وعدم ترتبه عليه، واخرى يقع في صحته وفساده. وهذه الروايات ناظرة إلى المورد الأول، وأن ترتب الثواب على الأعمال الواجبة منوط بإتيانها لوجه الله تعالى، بداهة أنه لو لم يأت بها بهذا الوجه فلا معنى لاستحقاقه الثواب، وليس لها نظر إلى المورد الثاني أصلا. وكلامنا في المقام إنما هو في هذا المورد، وأن قصد القربة هل هو معتبر في صحة كل واجب إلا ما خرج بالدليل أم لا؟ وتلك الروايات لا تدل على ذلك.
هذا، مضافا إلى أنها لو كانت ظاهرة في ذلك فلابد من رفع اليد عن ظهورها وحملها على ما ذكرناه، وذلك للزوم تخصيص الأكثر وهو مستهجن، حيث إن أكثر الواجبات في الشريعة الإسلامية واجبات توصلية لا يعتبر فيها قصد القربة، فالواجبات التعبدية قليلة جدا بالإضافة إليها. ومن الواضح أن تخصيص الأكثر