العبد تحصيله، ضرورة أن الواجب عليه بحكم العقل إنما هو تحصيل غرضه المترتب على وجود المأمور به في الخارج دون غرضه المترتب على أمره على أنه طريق محض إلى ما هو الغرض من المأمور به فلا موضوعية له في مقابله أصلا كي يجب تحصيله. وقد عرفت أن العقل إنما يحكم بوجوب الإتيان بالمأمور به خارجا وإطاعة ما تعلق به الأمر، وتحصيل غرضه دون غيره. وعلى هذا حيث إن المأمور به مطلق وغير مقيد بداعي القربة فلا يحكم العقل إلا بوجوب إتيانه كذلك.
وأضف إليه: أن هذا الغرض لا يكون نقطة امتياز بين التعبديات والتوصليات، لاشتراكهما فيه، وعدم الفرق بينهما في ذلك أصلا.
فالنتيجة: أن هذا الغرض أجنبي عن اعتبار قصد القربة في متعلق الأمر. فإذا لا يبقى مجال للاستدلال بهذا الوجه على أصالة التعبدية.
والحاصل: أن هذا الوجه خاطئ بحسب الصغرى والكبرى، فلا واقع موضوعي له.
الثاني: بعدة من الروايات: منها: قوله (صلى الله عليه وآله): " إنما الأعمال بالنيات " (1)، وقوله (صلى الله عليه وآله): " لكل امرئ ما نوى " (2) ببيان: أن كل عمل إذا خلا عن نية التقرب فلا عمل ولا أثر له، إلا أن يقوم دليل من الخارج على وجود أثر له. وعليه فمقتضى هذه الرواية: هو أن كل عمل ورد الأمر به في الشريعة المقدسة لزم الإتيان به بنية التقرب إلا ما قام الدليل على عدم اعتباره، وهذا معنى أصالة التعبدية في الواجبات.
ولنأخذ بالمناقشة عليه، وهي: أن هذه الروايات لا تدل بوجه على اعتبار نية القربة في كل فعل من الأفعال الواجبة في الشريعة المقدسة إلا ما قام الدليل على عدم اعتباره، وذلك لأن مفادها: هو أن الغاية القصوى من الأعمال الواجبة لا