تعالى: * (أوفوا بالعقود) * (1) أو نحوه يرجع إلى أنه إذا فرض وجود عقد في الخارج يجب الوفاء به، لا أنه يجب على المكلف إيجاد عقد في الخارج والوفاء به.
والثاني: كالوقت، والبلوغ، والعقل، حيث إنها خارجة عن اختيار المكلف فلا تكون مقدورة له، ومن الطبيعي أن مثل هذه القيود إذا أخذت في مقام الجعل فلا محالة أخذت مفروضة الوجود في الخارج، يعني: أن المولى فرض وجودها أولا ثم جعل الحكم عليها، ومرد ذلك إلى أنه متى تحقق وقت الزوال - مثلا - فالصلاة واجبة، ومتى تحقق البلوغ في مادة المكلف فالتكليف فعلي في حقه...، وهكذا.
وليس معنى " إذا زالت الشمس فصل " وجوب الصلاة ووجوب تحصيل الوقت، حيث إنه تكليف بغير مقدور، بل معناه ما ذكرناه، فإن ما هو مقدور للمكلف هو ذات الصلاة وإيقاعها في الوقت عند تحققه. وأما تحصيل نفس الوقت فهو غير مقدور له فلا يعقل تعلق التكليف به.
وقد تحصل من ذلك: أن كل قيد إذا اخذ في مقام الجعل مفروض الوجود فلا يعقل تعلق التكليف به، سواء أكان اختياريا أم لم يكن، غاية الأمر أن القيد إذا كان غير اختياري فلابد من أخذه مفروض الوجود، ولا يعقل أخذه في متعلق التكليف بغير ذلك.
ومقامنا من هذا القبيل، فإن قصد الأمر إذا اخذ في متعلقه فلا محالة يكون الأمر موضوعا للتكليف ومفروض الوجود في مقام الإنشاء، لما عرفت من أن كل قيد إذا اخذ متعلقا لمتعلق التكليف فبطبيعة الحال كان وجود التكليف مشروطا بفرض وجوده فرضا مطابقا للواقع الموضوعي (2)، وحيث إن متعلق المتعلق - فيما نحن فيه - هو نفس الأمر فيكون وجوده مشروطا بفرض وجود نفسه فرضا مطابقا للخارج، فيلزم عندئذ كون الأمر مفروض الوجود قبل وجود نفسه، وهذا خلف، ضرورة أن مالا يوجد إلا بنفس إنشائه كيف يعقل أخذه مفروض الوجود في