____________________
عن المراد فلا يصح أن يتعلق بها التكليف، لكونها خارجة عن الاختيار المعتبر فيه عقلا.
قلت: إنما يخرج بذلك عن الاختيار لو لم يكن تعلق الإرادة بها مسبوقة بمقدماتها الاختيارية، وإلا فلابد من صدورها بالاختيار، وإلا لزم تخلف إرادته عن مراده، تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
إن قلت: إن الكفر والعصيان من الكافر والعاصي ولو كانا مسبوقين بإرادتهما إلا أنهما منتهيان إلى مالا بالاختيار، كيف وقد سبقهما الإرادة الأزلية والمشيئة الإلهية؟ ومعه كيف تصح المؤاخذة على ما يكون بالآخرة بلا اختيار؟
قلت: العقاب إنما بتبعة الكفر والعصيان التابعين للاختيار الناشئ عن مقدماته، الناشئة عن شقاوتهما الذاتية اللازمة لخصوص ذاتهما، فإن " السعيد سعيد في بطن امه، والشقي شقي في بطن امه "، و" الناس معادن كمعادن الذهب والفضة " كما في الخبر، والذاتي لا يعلل، فانقطع سؤال: أنه لم جعل السعيد سعيدا، والشقي شقيا؟ فإن السعيد سعيد بنفسه، والشقي شقي كذلك، وإنما أوجدهما الله تعالى) (1).
نلخص كلامه (قدس سره) في عدة نقاط:
الأولى: أن الإرادة التكوينية علة تامة للفعل ويستحيل تخلفها عنه.
الثانية: أن إرادة العبد تنتهي إلى الإرادة الأزلية بقانون " أن كل ما بالغير ينتهي - بالأخرة - إلى ما بالذات ".
الثالثة: أن إرادته تعالى من الصفات العليا الذاتية: كالعلم والقدرة وما شاكلهما.
الرابعة: أن السعادة والشقاوة صفتان ذاتيتان للإنسان.
الخامسة: أن منشأ العقاب والثواب إنما هو السعادة والشقاوة الذاتيتين اللازمتين للذات.
أما النقطة الأولى والثانية والثالثة: فقد تقدم الكلام فيها في ضمن البحوث السالفة بشكل موسع (2) من دون حاجة إلى الإعادة.
وأما النقطة الرابعة: فإن أراد بالذاتي في باب الكليات - أعني: الجنس والفصل - فهو واضح الفساد، بداهة أن السعادة والشقاوة ليستا جنسين للإنسان، ولا فصلين له، وإلا لكانت حقيقة الإنسان السعيد مباينة لحقيقة الإنسان الشقي وهو كما ترى، فعندئذ - لا محالة - يكون مراده منه الذاتي باب البرهان.
وعليه فنقول: إن أراد به الذاتي بمعنى العلة التامة - يعني: أن شقاوة الشقي علة تامة لاختياره الكفر والعصيان، وسعادة السعيد علة تامة لاختياره الإيمان والإطاعة - فيرده البرهان والوجدان من ناحية، والكتاب والسنة من ناحية أخرى.
قلت: إنما يخرج بذلك عن الاختيار لو لم يكن تعلق الإرادة بها مسبوقة بمقدماتها الاختيارية، وإلا فلابد من صدورها بالاختيار، وإلا لزم تخلف إرادته عن مراده، تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
إن قلت: إن الكفر والعصيان من الكافر والعاصي ولو كانا مسبوقين بإرادتهما إلا أنهما منتهيان إلى مالا بالاختيار، كيف وقد سبقهما الإرادة الأزلية والمشيئة الإلهية؟ ومعه كيف تصح المؤاخذة على ما يكون بالآخرة بلا اختيار؟
قلت: العقاب إنما بتبعة الكفر والعصيان التابعين للاختيار الناشئ عن مقدماته، الناشئة عن شقاوتهما الذاتية اللازمة لخصوص ذاتهما، فإن " السعيد سعيد في بطن امه، والشقي شقي في بطن امه "، و" الناس معادن كمعادن الذهب والفضة " كما في الخبر، والذاتي لا يعلل، فانقطع سؤال: أنه لم جعل السعيد سعيدا، والشقي شقيا؟ فإن السعيد سعيد بنفسه، والشقي شقي كذلك، وإنما أوجدهما الله تعالى) (1).
نلخص كلامه (قدس سره) في عدة نقاط:
الأولى: أن الإرادة التكوينية علة تامة للفعل ويستحيل تخلفها عنه.
الثانية: أن إرادة العبد تنتهي إلى الإرادة الأزلية بقانون " أن كل ما بالغير ينتهي - بالأخرة - إلى ما بالذات ".
الثالثة: أن إرادته تعالى من الصفات العليا الذاتية: كالعلم والقدرة وما شاكلهما.
الرابعة: أن السعادة والشقاوة صفتان ذاتيتان للإنسان.
الخامسة: أن منشأ العقاب والثواب إنما هو السعادة والشقاوة الذاتيتين اللازمتين للذات.
أما النقطة الأولى والثانية والثالثة: فقد تقدم الكلام فيها في ضمن البحوث السالفة بشكل موسع (2) من دون حاجة إلى الإعادة.
وأما النقطة الرابعة: فإن أراد بالذاتي في باب الكليات - أعني: الجنس والفصل - فهو واضح الفساد، بداهة أن السعادة والشقاوة ليستا جنسين للإنسان، ولا فصلين له، وإلا لكانت حقيقة الإنسان السعيد مباينة لحقيقة الإنسان الشقي وهو كما ترى، فعندئذ - لا محالة - يكون مراده منه الذاتي باب البرهان.
وعليه فنقول: إن أراد به الذاتي بمعنى العلة التامة - يعني: أن شقاوة الشقي علة تامة لاختياره الكفر والعصيان، وسعادة السعيد علة تامة لاختياره الإيمان والإطاعة - فيرده البرهان والوجدان من ناحية، والكتاب والسنة من ناحية أخرى.