يتناقلون إسناد هذه الجريمة إلى ابن العلقمي جيلا من بعد جيل دون أن يذكروا لذلك دليلا معقولا. ثم أغرب من ذلك كله أن لا يذكروا ابن العلقمي إلا بصفته المتميزة (شيعي رافضي).
ومن العجب أن التاريخ يحفل بذكر الخيانة والاجرام في صفوف السنة والشيعة، والتاريخ يذكر ذلك كله أو بعضه، فإذا كانت الخيانة والجريمة من السنة اقتصروا على ذكر اسمه وهويته الشخصية، وإذا كانت الخيانة أو الجريمة من الشيعة لم يسندوها إليه بصفته الشخصية وإنما يصرون إلى جانب ذلك على ذكر انتمائه المذهبي ومن مأسي التاريخ أن المؤرخين يتناسون كلما مروا بهذه النكبة التي حلت بالمسلمين الأسباب الحقيقية والعميقة لهذه المأساة ويشغلهم أمر إلصاق هذه التهمة بابن العلقمي والشيعة عن الأسباب الحقيقية التي أنهكت خلافة آل عباس ونخرت في عرشهم وسلطانهم وأضعفتهم واستقدمت إليهم التتار من أقصى الشرق ليغزوهم في عقر دورهم.
وأما ابن العلقمي فقد كان من أكثر الناس حرصا على كف شر التتار وعدوانهم عن بغداد عاصمة الخلافة العثمانية.
يقول ابن العبري المتوفى سنة 685 وهو ممن عاش وعاصر هذه النكبة في كتابه " تاريخ مختصر الدول ": لما فتح هولاكو تلك القلاع - قلاع الإسماعيلية - أرسل رسولا إلى الخليفة وعاتبه على إهماله تسيير النجدة، فشاوروا الوزير - ابن العلقمي - فيما يجب أن يفعلوه، فقال: لا وجه غير إرضاء هذا الملك الجبار ببذل الأموال والهدايا والتحف له ولخواصه، وعند ما أخذوا في تجهيز ما يسيرونه قال الدويدار الصغير وأصحابه: إن الوزير إنما يدبر شأن نفسه مع التتار وهو يروم تسليمنا إليهم فلا تمكنه من ذلك، فبطل الخليفة بهذا السبب تنفيذ الهدايا الكثيرة واقتصر على شئ نزر لا قدر له، فغضب هولاكو وقال: لا بد من مجيئه هو بنفسه أو يسير أحد ثلاثة نفر: إما الوزير، وإما الدويدار، وإما سليمان شاه، فقدم الخليفة إليهم بالمضي فلم