للسلطان هولاكوخان، فأنفذه إلى العراق، فحضر الحلة، فاجتمع عنده فقهاؤها، فأشار إلى الفقيه نجم الدين أبي القاسم جعفر بن سعيد فقال: من أعلم هؤلاء الجماعة؟ فقال: كلهم فاضلون علماء، وإن كان واحد منهم مبرزا في فن كان الآخر منهم مبرزا في فن آخر. فقال: ومن أعلمهم بالأصولين؟ (أصول العقائد وأصول الفقه) فأشار إلى والدي سديد الدين يوسف بن المطهر والى الفقيه مفيد الدين محمد بن جهم، فقال: هذا أعلم الجماعة يعلم الكلام وأصول الفقه، فتكدر الشيخ يحيى بن سعيد، وكتب إلى ابن عمه أبي القاسم، (المحقق) يعتب عليه، وأورد في مكتوبه أبياتا وهي:
لا تهن من عظيم قدر وإن كنت * مشارا إليه بالتعظيم فالكبير اللبيب ينقص قدرا * بالتعدي على اللبيب الكريم ولع الخمر بالعقول رمى * الخمر بتنجيسها وبالتحريم كيف ذكرت ابن المطهر وابن الجهم ولم تذكرني؟ فكتب إليه يعتذر إليه ويقول: لو سألك الخواجة مسألة في الأصولين ربما وقفت وحصل لنا الحياء (1) وبعد، هذه خلاصة سريعة عن عصر المحقق والأحداث الكبيرة التي حصلت في هذا العصر، والكارثة التي أحلت بالمسلمين فيه، ودور علماء الشيعة ومن أبرزهم المحقق الحلي - رحمه الله - في الحد من هذه الكارثة وإنقاذ ما كان يمكن إنقاذه من دماء المسلمين وأعراضهم وتراثهم من الغزو المغولي والآن بعد هذه الدراسة التمهيدية السريعة ندخل إن شاء الله في الآفاق الرحبة المباركة لحياة المحقق الحلي - رحمه الله -.