المولوية ومنعوا في باب التجري أيضا سراية المبغوضية إلى نفس العمل بخيال [كونها موجبة] لانقلاب الواقع بمحض قيام طريق العبد على خلاف مرامه، وإلا فلو فتحوا البصر [رأوا] العمل الثاني في طول ما هو معروض طريقه لا يكاد حينئذ [يتوهم] سراية الأمر الواقعي عن معروضه إلى ما هو معلوله، فلا قصور لهذا المعلول أن يكون معروض بغض العقل أو حسنه بلا انقلاب الواقع بالنسبة إلى العمل المعروض عن حاله.
ولئن شئت [قلت]: إن عمدة ما أوقعهم في هذه الغفلة أيضا خيالهم سراية الأمر والإرادات إلى الخارج، وفي الخارج ليس إلا وجود واحد، بلا تفكيك في الخارج بين المعروض والمعلول، وإنما هو من شؤون الاعتبارات الذهنية المحضة الخارجة عن مصب الأحكام طرا.
وتوضيح فساد الوهم واختلال الخيال هو: أن من البديهي في كلية الصفات الوجدانية - من العلم والإرادة والتمني والترجي وأمثالها - استحالة تعلقها بالوجود الخارجي بما هو خارجي. كيف! والقطع المخالف للواقع أو الظن وغيره - بنظر القاطع - متعلق بالخارج ولا خارج في البين، كما أن التمني والترجي أيضا متعلقان - بنظر المتمني وغيره - [بالخارج] ولا خارج في البين، بل ربما يكون محالا كما في التمني. وهكذا في الإرادة والكراهة، حيث إن الوجود الخارجي ملازم لسقوطهما، وإن شأن الإرادات تعلقها بالعمل قبل وجوده، مع أن المريد أيضا لا يريد إلا الوجود خارجا. وليس الجمع بين هذه الجهات إلا بدعوى أن ما هو معروض هذه الصفات هو الصور الذهنية لكن لا بما هو شئ في [حيال] ذاته، بل بما هو مرآة للوجود في عالم التصور بنحو لا يلتفت إلى [اثنينيتهما]، وهو الذي نعبر عنه بالوجود الخارجي الزعمي لا الحقيقي. ولذا صح دعوى أن صاحب هذه الصفات لا يرى إلا الوجود خارجا ومع ذلك لا وجود في البين في الخارج حين