وإن لوحظت سببا لأمر آخر - كسببية البيع للملكية، والنكاح للزوجية، والعتق للحرية، وسببية الغسل للطهارة - فهذه الأمور بنفسها ليست أحكاما شرعية. نعم، الحكم بثبوتها شرعي. وحقائقها إما أمور اعتبارية منتزعة من الأحكام التكليفية - كما يقال: الملكية كون الشئ بحيث يجوز الانتفاع به وبعوضه، والطهارة كون الشئ بحيث يجوز استعماله في الأكل والشرب والصلاة، نقيض النجاسة - وإما أمور واقعية كشف عنها الشارع.
فأسبابها على الأول - في الحقيقة - أسباب للتكاليف، فتصير سببية تلك الأسباب (1) كمسبباتها أمورا انتزاعية.
وعلى الثاني، يكون أسبابها كنفس المسببات أمورا واقعية مكشوفا عنها ببيان الشارع.
وعلى التقديرين فلا جعل في سببية هذه الأسباب.
ومما ذكرنا تعرف الحال في غير المعاملات من أسباب هذه الأمور، كسببية الغليان في العصير للنجاسة، وكالملاقاة لها، والسبي للرقية، والتنكيل للحرية، والرضاع لانفساخ الزوجية، وغير ذلك. فافهم وتأمل في المقام، فإنه من مزال الأقدام.
* * * قوله (2): " وعلى الأول يكون وجوب ذلك الشئ أو ندبه في كل جزء من أجزاء ذلك الوقت ثابتا بذلك الأمر، فالتمسك في ثبوت الحكم