ففي ما نحن فيه (1)، إذا قال الشارع: " اعمل بالبينة في نجاسة ثوبك " - والمفروض أن الشك موجود مع قيام البينة على نجاسة الثوب - فإن الشارع حكم في دليل وجوب العمل بالبينة، برفع اليد عن آثار الاحتمال المخالف للبينة، التي منها استصحاب الطهارة (2).
وربما يجعل العمل بالأدلة في مقابل الاستصحاب من باب التخصص (3)، بناء على أن المراد من " الشك " عدم الدليل والطريق، والتحير في العمل، ومع قيام الدليل الاجتهادي لا حيرة. وإن شئت قلت (4): إن المفروض دليلا قطعي الاعتبار، فنقض الحالة السابقة به نقض باليقين.
وفيه: أنه لا يرتفع التحير ولا يصير الدليل الاجتهادي قطعي الاعتبار في خصوص مورد الاستصحاب إلا بعد إثبات كون مؤداه حاكما على مؤدى الاستصحاب، وإلا أمكن أن يقال: إن مؤدى الاستصحاب وجوب العمل على الحالة السابقة مع عدم اليقين بارتفاعها،