السابق في صحيحة زرارة، بمجرد كونه متيقنا سابقا غير متيقن الارتفاع في اللاحق. وبعبارة أخرى: علل بقاء الطهارة المستلزم لجواز الدخول في الصلاة بمجرد الاستصحاب. ومن المعلوم أن مقتضى استصحاب الاشتغال بالصلاة عدم براءة الذمة بهذه الصلاة، حتى أن بعضهم (1) جعل استصحاب الطهارة وهذا الاستصحاب من الاستصحابين المتعارضين، فلولا عدم جريان هذا الاستصحاب، وانحصار الاستصحاب في المقام باستصحاب الطهارة لم يصح تعليل المضي على الطهارة بنفس الاستصحاب، لأن تعليل تقديم أحد الشيئين على الآخر بأمر مشترك بينهما قبيح، بل أقبح من الترجيح بلا مرجح.
وبالجملة: فأرى المسألة غير محتاجة إلى إتعاب النظر، ولذا لا يتأمل العامي بعد إفتائه باستصحاب الطهارة في الماء المشكوك، في رفع الحدث والخبث به وبيعه وشرائه وترتيب الآثار المسبوقة بالعدم عليه.
هذا كله إذا عملنا بالاستصحاب (2) من باب الأخبار.
وأما لو عملنا به من باب الظن، فلا ينبغي الارتياب فيما ذكرنا، لأن الظن بعدم اللازم مع فرض الظن بالملزوم محال عقلا. فإذا فرض حصول الظن بطهارة الماء عند الشك، فيلزمه عقلا الظن بزوال النجاسة عن الثوب. والشك في طهارة الماء ونجاسة الثوب وإن كانا في زمان واحد، إلا أن الأول لما كان سببا للثاني، كان حال الذهن في الثاني تابعا لحاله بالنسبة إلى الأول، فلا بد من حصول الظن بعدم النجاسة في