نعم، يرد على ما ذكرنا من التوجيه: أن الشهيد (قدس سره) في مقام دفع ما يتوهم من التناقض المتوهم (1) في قولهم: " اليقين لا يرفعه الشك "، ولا ريب أن الشك الذي حكم بأنه لا يرفع اليقين، ليس المراد منه الاحتمال الموهوم، لأنه إنما يصير موهوما بعد ملاحظة أصالة بقاء ما كان، نظير المشكوك الذي يراد إلحاقه بالغالب، فإنه يصير مظنونا (2) بعد ملاحظة الغلبة. وعلى تقدير إرادة الاحتمال الموهوم - كما ذكره المدقق الخوانساري (3) - فلا يندفع به توهم اجتماع الوهم واليقين المستفاد من عدم رفع الأول للثاني. وإرادة اليقين السابق والشك اللاحق يغني عن إرادة خصوص الوهم من الشك.
وكيف كان، فما ذكره المورد - من اشتراك الظن واليقين في عدم الاجتماع مع الشك مطلقا - في محله.
فالأولى أن يقال: إن قولهم: " اليقين لا يرفعه الشك " لا دلالة فيه على اجتماعهما في زمان واحد، إلا من حيث الحكم في تلك القضية بعدم الرفع. ولا ريب أن هذا ليس إخبارا عن الواقع، لأنه كذب، وليس حكما شرعيا بإبقاء نفس اليقين أيضا، لأنه غير معقول، وإنما هو حكم شرعي بعدم (4) رفع آثار اليقين السابق بالشك اللاحق، سواء كان احتمالا مساويا أو مرجوحا.