نعم هنا شئ:
وهو أن بعض الموضوعات الخارجية المتوسطة بين المستصحب وبين الحكم الشرعي، من الوسائط الخفية، بحيث يعد في العرف الأحكام الشرعية المترتبة عليها أحكاما لنفس المستصحب، وهذا المعنى يختلف وضوحا وخفاء باختلاف مراتب خفاء الوسائط عن أنظار العرف.
منها: ما إذا استصحب رطوبة النجس من المتلاقيين مع جفاف الآخر، فإنه لا يبعد الحكم بنجاسته، مع أن تنجسه ليس من أحكام ملاقاته للنجس رطبا، بل من أحكام سراية رطوبة النجاسة إليه وتأثره بها، بحيث يوجد في الثوب رطوبة متنجسة، ومن المعلوم أن استصحاب رطوبة النجس الراجع إلى بقاء جزء مائي قابل للتأثير لا يثبت تأثر الثوب وتنجسه بها، فهو أشبه مثال بمسألة بقاء الماء في الحوض، المثبت لانغسال الثوب به.
وحكى في الذكرى عن المحقق (1) تعليل الحكم بطهارة الثوب الذي طارت الذبابة عن النجاسة إليه، بعدم الجزم ببقاء رطوبة الذبابة، وارتضاه. فيحتمل أن يكون لعدم إثبات الاستصحاب لوصول الرطوبة إلى الثوب كما ذكرنا، ويحتمل أن يكون لمعارضته باستصحاب طهارة الثوب إغماضا عن قاعدة حكومة بعض الاستصحابات على بعض كما يظهر من المحقق (2)، حيث عارض استصحاب طهارة الشاك في الحدث باستصحاب اشتغال ذمته (3).