بنقيض ذلك القيد اختلف موضوع المسألتين، فالذي سموه استصحابا راجع في الحقيقة إلى إسراء حكم موضوع إلى موضوع آخر متحد معه في الذات مختلف معه في الصفات، ومن المعلوم عند الحكيم أن هذا المعنى غير معتبر شرعا وأن القاعدة الشريفة المذكورة غير شاملة له.
وتارة: بأن استصحاب الحكم الشرعي، وكذا الأصل - أي الحالة التي إذا خلي الشئ ونفسه كان عليها - إنما يعمل بهما ما لم يظهر مخرج عنهما، وقد ظهر في محل النزاع، لتواتر الأخبار: بأن كل ما يحتاج إليه الأمة ورد فيه خطاب وحكم حتى أرش الخدش (1)، وكثير مما ورد مخزون عند أهل الذكر (عليهم السلام)، فعلم أنه ورد في محل النزاع أحكام لا نعلمها بعينها، وتواتر الأخبار بحصر المسائل في ثلاث: بين رشده، وبين غيه - أي مقطوع فيه ذلك، لا ريب فيه -، وما ليس هذا ولا ذاك، وبوجوب التوقف في الثالث (2)، انتهى.
أقول: لا يخفى أن ما ذكره أولا قد استدل به كل من نفى الاستصحاب من أصحابنا، وأوضحوا ذلك غاية الإيضاح، كما يظهر لمن راجع الذريعة (3) والعدة (4) والغنية (5) وغيرها (6)، إلا أنهم منعوا من إثبات